للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة؛ لكونها وقعت بيانًا للآية، وإذا كان الاعتدال من الركوع ومن السجود من جملة الفروض (أي الأركان) كان الرفع من الركوع ومن السجود انتقالًا من ركن إلى ركن، فيأخذ الرفع حكم الركن؛ لأنه وسيلة إليه.

يقول الكاساني في بدائع الصنائع: «الانتقال من ركن إلى ركن فرض؛ لأنه وسيلة إلى الركن» (١).

وعلى هذا اختلفت أحكام الحنفية في الرفع من الركوع ومن السجود تبعًا لاختلافهم في حكم الاعتدال منهما.

فمن قال: الاعتدال منهما سنة، جعل الرفع سنة؛ لكونها انتقالًا من ركن إلى سنة، ومن جعل الاعتدال منهما واجبًا، جعل الرفع واجبًا؛ لكونه انتقالًا من ركن إلى واجب فالانتقال وسيلة، يأخذ حكمه من حكم الموضع الذي ينتقل إليه.

هذه أقوال المسألة في مذهب السادة الحنفية، وأدلتهم على كل قول، مع مناقشتها، والله أعلم.

القول الثاني: مذهب المالكية وفيه قولان:

الأول: يرى أن الرفع من فروض الصلاة (أي من أركانها)، وتبطل بتعمد تركه، وإن تركه سهوًا رجع محدودبًا حتى يصل إلى حالة الركوع، ثم يرفع، ويسجد لسهوه، وهذا هو المشهور من مذهب مالك، وبه قال ابن القاسم (٢).

قال ابن القاسم كما في البيان والتحصيل: «من ركع فرفع رأسه من الركوع فلم يعتدل حتى خر ساجدًا، فليستغفر الله ولا يعد؛ ومن خر من ركعته ساجدًا، فلا يعتد بتلك الركعة ... وأحب إليَّ للذي خر من الركعة ساجدًا قبل أن يرفع رأسه، أن يتمادى في صلاته ويعتد بها، ثم يعيد الصلاة» (٣).


(١). بدائع الصنائع (١/ ٢١٠).
(٢). قال القاضي عبد الوهاب في الإشراف (١/ ٢٤٦): «والرفع من الركوع واجب ... فإن انحط ساجدًا، وهو راكع فلا يجزئه على الظاهر من المذهب ... ».
وانظر: الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (١/ ٢٣٩)، النوادر والزيادات (١/ ١٨٣، ٣٥٦)، التلقين (١/ ٤٢)، البيان والتحصيل (٢/ ٥٥)، التاج والإكليل (٢/ ٢١٥)، المختصر الفقهي لابن عرفة (١/ ٢٥٧)، الخرشي (١/ ٢٧٢)، شرح التلقين (١/ ٦٢٥).
(٣). البيان والتحصيل (٢/ ٥٣، ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>