للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل السابع:

القياس على المنفرد، فإذا كان المنفرد يأتي بالتحميد على الصحيح فالإمام مثله؛ لأن أحكامهما واحدة، فالإمام منفرد في حق نفسه، ونية الإمامة ليست شرطًا لصحة إمامته، فلو صلى منفردًا ولم يَنْوِ الإمامة فائتم به جماعة صح الاقتداء على الصحيح، فكان ما يصدق على المنفرد يصدق على الإمام، بخلاف المأموم فلا بد من نية الائتمام.

قال الطحاوي: «قد أجمعوا فيمن يصلي وحده على أنه يقول ذلك،، فأردنا أن ننظر في الإمام، هل حكمه حكم من يصلى وحده أم لا؟ فوجدنا الإمام يفعل في صلاته كلها من التكبير، والقراءة، والقيام، والقعود، والتشهد مثل ما يفعله من يصلي وحده، ووجدنا أحكامه فيما يطرأ عليه في صلاته كأحكامه من الأشياء التي توجب فسادها .... وكان الإمام ومن يصلي وحده في ذلك سواءً بخلاف المأموم فلما ثبت باتفاقهم أن المصلي وحده يقول بعد قوله سمع الله لمن حمده: ربنا ولك الحمد ثبت أن الإمام يقولها» (١).

• ويناقش:

لا تصح حكاية الإجماع في تحميد المنفرد، وكيف غفل الطحاوي عليه رحمة الله عن الرواية الأخرى عن أبي حنيفة والتي يرى فيها أن المنفرد لا يأتي بالتحميد.

الدليل الثامن:

أن التسميع حَثٌّ على التحميد، وتحريضٌ عليه، فلا ينبغي أن يأمر بالبر، وينسى نفسه حتى لا يدخل تحت قوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [البقرة: ٤٤].

ولا حاجة في الحقيقة إلى استدعاء هذه الآية للاحتجاج بها في هذا الموضع، ولولا أن الكاساني من الحنفية استدل بها لم أذكرها؛ فالاستدلال بدليل في غير


(١). شرح معاني الآثار (١/ ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>