للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند الحنفية ترك الواجب سهوًا لا ترك المسنون (١).

فتبين من عرض الأقوال، أن الأقوال ثلاثة، قيل: سنة، وقيل: فرض (ركن)، وقيل: واجب.

إذا علمت الأقوال فلننتقل إلى معرض الأدلة، ومناقشتها أسأل الله وحده عونه وتوفيقه.

• دليل من قال: الاعتدال سنة:

الدليل الأول:

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: ٧٧].

وجه الاستدلال:

أن الله أمر بالركوع والسجود مطلقًا، والركوع هو الانحناء، والسجود هو الانخفاض، وهذا هو الركن، ولم يأمر الله بالآية بالاعتدال منهما، فدل ذلك على أنه ليس بفرض، فالركن هو الركوع والسجود، فأما رفع الرأس حتى يعتدل قائمًا فليس بفرض، إلا أنه في السجود لابد من رفع الرأس؛ لأنه لا يمكن الانتقال من سجدة إلى سجدة أخرى دون رفع الرأس، والواجب من الرفع القدر الذي يتحقق به الفصل بين السجدتين، فلا يشترط الاعتدال جالسًا من السجود.

ولو ركع المصلي، ولم يرفع رأسه من الركوع حتى خر ساجدًا ساهيًا تجوز صلاته في قول أبي حنيفة ومحمد، وعليه السهو.

فتبين أن الحنفية لا يرون ركنية الاعتدال من الركوع، والسجود (٢).


(١). انظر: منحة الخالق على البحر الرائق (٢/ ١٠٢).
(٢). جاء في فتاوي قاضي خان فيما يوجب السهو نقلًا من البحر الرائق (١/ ٣١٧): «المصلي إذا ركع ولم يرفع رأسه من الركوع حتى خر ساجدًا ساهيًا تجوز صلاته في قول أبي حنيفة ومحمد وعليه السهو. انتهى. وفي المحيط لو ترك تعديل الأركان أو القومة التي بين الركوع والسجود ساهيًا لزمه سجود السهو انتهى. فيكون حكم الجلسة بين السجدتين كذلك؛ لأن الكلام فيهما واحد».
ويقصد بقوله: (تعديل الأركان) أو تعديل الانتقال، أي الاعتدال قائمًا من الركوع، والاعتدال جالسًا من السجود، فتركهما لا يبطل الصلاة عند الحنفية. وانظر: بدائع الصنائع (١/ ٢٠٩)، المحيط البرهاني (١/ ٣٣٨)، تبيين الحقائق (١/ ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>