أن الآية ذكرت الركوع والسجود، وأرادت حقيقة الصلاة، لا مسمى الركوع والسجود، وإطلاق الجزء على الكل إذا كان الجزء ركنًا أساسيًّا في الكل معروفًا في لغة العرب، كإطلاق الرقبة على العبد في قوله تعالى:{فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}[المجادلة: ٣]، ولا يقال: المقصود بالرقبة العضو الخاص، بل قصد العبد كله، وكإطلاق السجود على الركعة، في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من أدرك سجدة من الصلاة فقد أدرك الصلاة)، ولم يقصد بالحديث إدراك السجود، ومنه إطلاق القراءة على الصلاة في قوله تعالى:{وَقُرْآنَ الْفَجْرِ}[الإسراء: ٧٨]، فالمقصود بالقراءة صلاة الفجر، لا القراءة نفسها، ومنه إطلاق التسبيح على الصلاة، فلا يراد به لفظ (سبحان الله)، فأطلق الركوع والسجود، وأراد به كامل الصلاة، والله أعلم.
الوجه الثاني:
لو حملنا الآية على الركوع والسجود الخاص فإن الآية أفادت ركنية الركوع والسجود، ولكنها لا تنفي ركنية غيرهما بدليل آخر، فالقيام والقراءة من جملة الأركان المتفق عليها، فكذلك الاعتدال، وقد دلت السنة على ركنية الاعتدال.
(ح-١٧٤٩) لما رواه البخاري ومسلم من طريق يحيى بن سعيد (القطان)، عن عبيد الله (العمري)، قال: حدثنا سعيد المقبري، عن أبيه،
عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل المسجد، فدخل رجل، فصلى، ثم جاء، فسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرد النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه السلام، فقال: ارجع فَصَلِّ فإنك لم تُصَلِّ، فصلى، ثم جاء، فسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ارجع فَصَلِّ، فإنك لم تُصَلِّ، ثلاثًا، فقال: والذي بعثك بالحق، فما أحسن غيره، فعلمني، قال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن