تقدم مثل ذلك في قوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا}[الحج: ٧٧]، فإنه لا يوجد ركوع مستقل عن الصلاة، فكذلك السجود، والله أعلم.
الدليل الثاني:
(ح-١٨٠٣) ما رواه مسلم من طريق الوليد بن مسلم، قال: سمعت الأوزاعي، قال: حدثني الوليد بن هشام المعيطي، حدثني معدان بن أبي طلحة اليعمري، قال:
لقيت ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله به الجنة؟ أو قال قلت: بأحب الأعمال إلى الله، فسكت. ثم سألته، فسكت. ثم سألته الثالثة فقال: سألت عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: عليك بكثرة السجود لله، فإنك لا تسجد لله سجدة، إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة.
قال معدان: ثم لقيت أبا الدرداء فسألته فقال لي: مثل ما قال لي: ثوبان (١).
ويجاب عنه بما أجيب به الآية الكريمة، فالعلماء فهموا منه كثرة السجود في الصلاة، ولهذا تكلموا في أيهما أفضل، طول القيام في الصلاة أم كثرة السجود، كما سيأتي بحث ذلك في مسألة تالية إن شاء الله تعالى.
الدليل الثالث:
إذا جاز التقرب بالسجود على وجه الاستقلال عن الصلاة بسبب جاز التقرب بالسجود بغير سبب كالركعة، وبه فارق السجود الركوع فإنه لم يشرع استقلالًا مطلقًا، لا بسبب، ولا بغيره.
• ونوقش:
بأن القُرَبَ يشترط لفعلها إما إذن من الشارع بالفعل مطلقًا، أو سبب شرعي صحيح يُجَوِّز فعلها، فكما لا يتقرب إلى الله تعالى بالوقوف بعرفة ومزدلفة ورمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة من غير نسك، فكذلك لا يتقرب إلى الله تعالى