فقياس الصحيح على المعذور قياس مع الفارق، فالضرورة لها أحكامها، والعذر يسقط به القيام والركوع وغيرهما من الفرائض المجمع عليها، فلا يصح القياس عليه.
الوجه الثالث:
لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أحد من الصحابة، القول بجواز الاقتصار على الأنف، والمقصود بالسجود التذلل والخشوع، ولا يقوم الأنف مقام الجبهة في ذلك.
الدليل الرابع:
أن الأنف أحد محلي سجود الوجه، فجاز الاقتصار عليه كالجبهة.
• ونوقش:
الأنف محل لكمال السجود، وما كان كذلك لا يجوز الاقتصار عليه، ألا ترى أن الكفين والركبتين وأصابع القدمين محل لكمال السجود، ولا يجوز الاقتصار عليها دون الجبهة، وكذلك الأذنان محل لكمال المسح على الرأس، ولو اقتصر على مسحهما لم يجزه (١).
• الراجح:
أن السجود على الأنف وحده لا يجزئ، وكراهة أبي حنيفة الاقتصار على الأنف وحده قد اختلف أصحابه في تفسيرها، فذهب بعضهم إلى أنها كراهة تحريمية، وعليه يكون السجود على الأنف واجبًا، والقول بأنها كراهة تنزيهية ليس هو المعتمد في مذهب الحنفية، فالفتوى في المذهب على أنه لا يجزئ السجود على الأنف، والله أعلم.
* * *
(١). انظر التعليقة الكبرى لأبي الطيب الطبري (ص: ٣٩٤).