للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الاستدلال:

أن من سجد بأعلى الجبهة لا يكون أنفه على الأرض.

• ويناقش:

الحديث لا يصح، ولو صح لم يكن نصًّا في السجود على الجبهة وحدها؛ لأن قصاصة الشعر إن كانت على مقدم رأسه فالسجود عليها يمنع من السجود على الجبهة، والسجود عليها فرض، وإن كانت قصاصة الشعر على الجبهة، كما كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - له شعر كثير يبلغ شحمة أذنيه فإذا كان هذا طوله في جانب الوجه، فإنه قد يضرب على جبهته من مقدم رأسه، فالسجود عليها لا ينفي السجود على الأنف، ولأن الحديث: يقول: ما لك لا تمكن جبهتك وأنفك؟ فلم ينف السجود على الأنف، وإنما نفى تمكين السجود عليهما معًا على الجبهة وعلى الأنف، وتمكين السجود إن قصد به الاستيعاب فهو ليس واجبًا، وإن قصد به الطمأنينة فهي ركن، لا يصح السجود إلا به، وعلى كل حال فالحديث شديد الضعف، لا يمكن أن يعارض به حديث ابن عباس المتفق عليه لو كان ذكر الأنف محفوظًا في الحديث، والله أعلم.

الدليل الخامس:

إن اعتبرنا الأنف عضوًا مستقلًّا كان السجود على ثمانية أعضاء، وإن اعتبرنا الأنف مع الجبهة عضوًا واحدًا، لم يجب السجود على الأنف؛ لأن استيعاب العضو بالسجود لا يجب إجماعًا، ولأنهما إذا جعلا كعضو واحد أمكن أن تكون الإشارة إلى أحدهما إشارة إلى الآخر، وربما استنتج من هذا أنه إذا سجد على الأنف وحده أجزأه؛ لأنهما إذا جعلا كعضو واحد كان السجود على الأنف كالسجود على بعض الجبهة فيجزئ، وقد تبين من المسألة السابقة شذوذ القول بجواز الاقتصار في


= وجاء الحديث من طريق ثالث، إلا أنه ضعيف جدًّا،
رواه ابن عدي في الكامل (٦/ ٢٢٨) من طريق عمرو بن شمر عن جابر الجعفي، عن عبد الرحمن ابن سابط عن جابر بن عبد الله قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجد على كور العمامة.
وفي إسناده عمرو بن شمر، وجابر الجعفي، وكلاهما متروك.
فهذه الطرق الثلاثة منها طريقان ضعيفان جدًّا، لا يعتبر بهما طريق وهب بن كيسان، وعبد الرحمن بن سابط، وأمثلها طريق حكيم بن عمير، إلا أنه ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>