للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأنف، واليدين، والركبتين، والقدمين. رواه مسلم (١).

وهو ظني الثبوت؛ لأنه من أحاديث الآحاد، فإذا أنْضَمَّ إليه مواظبة النبي - صلى الله عليه وسلم - على السجود على الأنف، أفاد ذلك الوجوب دون الركنية؛ لأن الركنية لا تثبت إلا بدليل قطعي، من كتاب، أو سنة متواترة، أو إجماع.

فإن قيل: لماذا لا يفيد الركنية؟

أجابوا: لو قلنا: إنه يفيد الركنية لكان ذلك نسخًا لإطلاق الآية، حيث أصبح حكم الآية -والذي هو مطلق السجود لا يكفي لصحته إلا إذا سجد على أنفه، وهذا تغيير لحكم الآية، وتغيير حكم الآية نسخ لها، وهذا لا يجوز بخبر الآحاد، لأن القطعي لا ينسخه إلا قطعي مثله من كتاب أو سنة متواترة، أما الآحاد فلا يرفع حكم القطعي عندنا، ومع ذلك لا نهمل هذا الخبر، وإنما يصلح خبر الآحاد أن يكون مكملًا للقرآن، لهذا قلنا: الأمر بالسجود على الأنف، والمواظبة على ذلك يجعل السجود على الأنف واجبًا فقط، وليس بفرض

ومثل هذا القول قال الحنفية بحكم قراءة الفاتحة، فالقرآن طلب قراءة ما تيسر من القرآن بقوله تعالى: {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: ٢٠]، وهو عام في الفاتحة وغيرها، وهذا دليل قطعي، فثبت أن الفرض (الركن) هو مطلق القراءة.

وخبر الآحاد جاء بقراءة فاتحة الكتاب، (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) وهذا دليل ظني، فحملوا قراءتها على الوجوب لا على الركنية، أي حتى لا يؤدي ذلك إلى تغيير حكم الكتاب بخبر الآحاد، وقد اصطلح الحنفية على إطلاقهم على هذا المسألة في كتب الأصول بما يسمى (الزيادة على النص) نسخًا.

• وأجيب:

سبق لي مناقشة هذا القول بتوسع عند الكلام على ركنية الطمأنينة، فارجع إليه إن شئت منعًا للتكرار، ويزاد عليه:

بأن السجود في الآية مطلق لم يذكر جبهة ولا أنفًا، وحقيقة السجود إن كانت لغوية: فهو يطلق على الخضوع والتطامن والانحناء إلى الأرض تقول سجدت النخلة: إذا مالت.


(١). صحيح مسلم (٢٣١ - ٤٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>