للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا سبيل في إدخال هذا النص في القول: بينهما عموم وخصوص من وجه، فإن هذا يقال: لو كان الحديث سنَّة قوليةً، أما والحديث سنة فعلية، وقعت في وقت النهي، وأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة بعد صلاة الصبح مع كونها نافلة في حقهما، فوجب التسليم لهذا النص، ولا معنى لتخصيص الحكم في الصلاة المعادة فقط، مع حكم النبي صلى الله عليه وسلم بأن الصلاة المعادة نافلة إلا القول: بأن النوافل منها ما يجوز في وقت النهي، ومنها ما لا يجوز، فالجائز من النافلة هو ما كان له سبب، والممنوع من النافلة: هو المطلق مما لا سبب له.

٣ - مما يؤيد إخراج تحية المسجد من عموم النهي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها حال الخطبة، والنهي عن الصلاة في وقت الخطبة أشد نهيًا منها في أوقات النهي؛ لأن السامع منهي عن النفل المطلق بإجماع، ومنها عن الصلاة على الجنازة، وعن الطواف بالبيت، بل ومنهي عن كل ما يشغله عن الاستماع، ولو كان من قبيل إنكار المنكر، فدل على أن النهي هنا أوكد وأضيق منه بعد الفجر، فإذا أمر بتحية المسجد وقت الخطبة، ففعلها في سائر أوقات النهي من باب أولى (١).

وقل مثل ذلك في سائر أحاديث الجواز، فهذه المخصصات أضعفت العموم الوارد في أحاديث النهي، كحديث: (لا صلاة بعد العصر .. ولا صلاة بعد الصبح) ونحوها.

بينما العموم في حديث: (فليصلها إذا ذكرها)

وعموم حديث: (إذا دخل أحدكم المسجد) فلم يدخله تخصيص، والعام الذي لم يدخله التخصيص مقدم على العام الذي دخله التخصيص.

المرجح الثاني:

أن المنهي عنه هو تحري الصلاة في أوقات النهي لحديث ابن عمر: (لا يَتَحَرَّ أحدكم، فيصلي عند طلوع الشمس، ولا عند غروبها). متفق عليه

وتحري الصلاة هو ألا يكون له قصد إلا الصلاة في هذا الوقت، وهذا لا يصدق إلا على النفل المطلق، وأما ذوات الأسباب، فإنها صليت تبعًا لأسبابها، ولم يقصد


(١). انظر مجموع الفتاوى لابن تيمية (٢٣/ ١٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>