للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد الأمين الشنقيطي: «وهذا رأي جمهور أهل الأصول، ولم أعلم أحدًا خالف فيه إلا صفي الدين الهندي، والسبكي» (١).

قال البيضاوي في نهاية السول: «العام الباقي على عمومه راجح على العام المخصص؛ للاختلاف في حجيته» (٢).

وقال الطوفي في شرح مختصر الروضة: «يرجح العام الباقي على عمومه على العام المخصوص» (٣).

فالعام في النهي عن جميع الصلوات في أوقات النهي خُصَّ منه ما يلي:

١ - قضاء الفوائت، فالفرائض قد خصت من عموم النهي عن الصلاة في أوقات النهي؛ لأن الفرائض مطلوب أن يصليها في أي وقت، ولا نهي عنها؛ لقوله: (فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك)، وهذا الحكم لا يختلف فيه الحنابلة والمالكية مع الشافعية، وإنما يخالف فيه الحنفية فقط، فيقدمون النهي عن الصلاة في أوقات النهي على قضاء الفوائت، وهو قول في غاية الضعف؛ ولو كانت مراعاة أوقات النهي مقدمة على مراعاة الفرائض لما صحت العصر الحاضرة وقت اصفرار الشمس؛ لدخول وقت النهي، والحنفية يصححون الصلاة في هذا الوقت، فدل على أن مراعاة الفرائض مقدم على مراعاة أوقات النهي، من غير فرق بين أداء وقضاء.

٢ - إعادة الصلاة مع الجماعة إذا أقيمت الصلاة، وهو في المسجد.

فالنص ورد في صلاة الصبح، ومع ذلك أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الرجلين بالصلاة مع الجماعة مع أنهما صليا في رحالهما، وقد دخل وقت النهي في حقهما، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم سبحتهما نافلة، وسبق ذكره في معرض الأدلة، وهو نص في مورد النزاع، وحديث صحيح، لا سبيل لرده، ولا يصح حمل الحديث على أنه واقعة عين؛ لأنه أعطاهما حكمًا عامًّا، فقال لهما عليه الصلاة والسلام: (إذا صلى أحدكم في رحله، ثم أدرك الصلاة مع الإمام، فليصلِّها معه، فإنها له نافلة).


(١). مذكرة أصول الفقه على روضة الناظر (ص: ٣٨٤).
(٢). نهاية السول في شرح منهاج الأصول (ص: ٣٨٥)، وانظر التحبير شرح التحرير (٨/ ١٤٧٧).
(٣). شرح مختصر الروضة (٣/ ٧١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>