للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتبين أن تخصيص أحدهما بالآخر ليس بأولى من العكس، فيطلب مرجح لأحدهما من خارجهما؛ لأن القاعدة المقررة في الأصول: أن النصين إذا كان بينهما عموم، وخصوص من وجه، فإن الموقف منهما كالموقف عندما تتعارض الأدلة في الظاهر، فيجب طلب مرجح من خارجهما، كما أشار له صاحب مراقي السعود بقوله:

وإن يك العموم من وجه ظهر ... فالحكم بالترجيح حتمًا معتبر

فقال الجمهور: المرجح عندنا، أن أحاديث النهي عن الصلوات في أوقات النهي تَحْضُر الصلاة، وأحاديث تحية المسجد وركعتي الطواف وغيرها من ذوات الأسباب تبيح الصلاة، ومن طرق الترجيح التي عليها أكثر أهل الأصول: تقديم ما يفيد المنع على ما يفيد الإباحة، حتى صاغ بعض الفقهاء القاعدة التي تقول: إذا اجتمع المبيح والحاضر قدم جانب الحضر.

• جواب الشافعية ومن يرى مذهبهم:

أما الجواب عن تقديم المبيح على الحاضر، فقالوا:

إن التعارض ليس في كلها بين مبيح وحاضر:

فقد يكون التعارض بين حاضر وحاضر: فالنهي عن الصلاة في أوقات محدودة معارض بالنهي عن الجلوس في المسجد قبل أن يصلي ركعتين.

وفي قضاء الفوائت يكون التعارض ليس بين مبيح ومانع، فيقدم المانع، وإنما التعارض بين أمرين: أحدهما موجب ملزم، والآخر مانع حاضر، فيقدم الموجب الملزم على المانع الحاضر؛ لأن فيه احتياطًا للعبادة وإبراءً الذمة، ولهذا لم يتفق الجمهور مع الحنفية على هذه المسألة ممن منع الصلاة في أوقات النهي.

وأما وجه ترجيح الشافعية تخصيص عموم (لا صلاة بعد العصر ... ) وأمثاله بخصوص الأمر بتحية المسجد، وركعتي الطواف، وغيرها من ذوات الأسباب فقدموا ثلاثة أسباب للترجيح، منها:

المرجح الأول:

أن العام المحفوظ عن التخصيص مقدم على العام إذا تواردت عليه كثرة المخصصات؛ لأن العام المحفوظ دلالته على العموم أقوى، من العام إذا تواردت عليه المخصصات.

<<  <  ج: ص:  >  >>