للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وأبي داود، وغيرهم رووه عن سعيد بن منصور كرواية الجماعة، فهي من قبيل الوهم.
وأما لفظ: (فليضع يديه على ركبتيه) فهذا اللفظ تفرد به عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري، وهو متروك، فلا يعارض بها رواية الدراوردي.
ويبقى النظر في حذف جملة (وليضع يديه قبل ركبتيه) زادها الدراوردي، ولم يذكرها عبد الله بن نافع الصائغ، وسوف أفرد الكلام على هذه العلة على وجه الاستقلال، إنما أوردت هاهنا مناقشة دعوى الاضطراب في لفظه.
العلة الثانية: تفرد محمد بن عبد الله بن الحسن النفس الزكية عن أبي الزناد بهذا الحديث، ولم يعرف بالرواية عن أبي الزناد، وليس له عن أبي الزناد في كتب السنة إلا هذا الحديث، فمثله لا يحتمل تفرده، وقد قال ابن سعد: كان قليل الحديث، وكان يلزم البادية ويحب الخلوة، وأبو الزناد له أصحاب يعتنون بحديثه، فأين أصحاب أبي الزناد مالك والثوري وابن عيينة، وابنه عبد الرحمن، والليث وشعيب، وغيرهم من أصحابه المكثرين عنه، أين هم من هذا الحديث الذي يتعلق بالصلاة، فلو كان هذا من حديث أبي الزناد، لما انفرد عنهم راو بهذا الحديث الذي هو أصل في الباب، فلا يرويه إلا رجل لا يعرف بالرواية عنه إلا بهذا الحديث.
ولهذا استغربه الترمذي، فقال في السنن (٢/ ٧٥): «حديث أبي هريرة حديث غريب، لا نعرفه من حديث أبي الزناد إلا من هذا الوجه».
وحق للإمام أبي عبد الله البخاري أن يشكك في سماع النفس الزكية من أبي الزناد، فقال كما في التاريخ الكبير (١/ ١٣٩): «ولا يتابع عليه، ولا أدري سمع من أبي الزناد، أم لا؟».
فأشار بهذه العبارة المختصرة إلى علتين: الأولى تفرده، بقوله: لم يتابع عليه.
والثانية: كونه لا يعرف بالرواية عنه، فقال: ولا أدري سمع من أبي الزناد أم لا؟.
وبعضهم يرد على الإمام البخاري بأن هذا بناء على علو شرطه في اشتراط العلم بالسماع، وهذا ليس دقيقًا، فالبخاري يصحح أحاديث كثيرة في أجوبته للترمذي، وقد يقال: علو شرطه خَصَّ به ما يرويه في كتابه الجامع الصحيح، وهذا ليس منها.
وقال البيهقي في السنن الكبرى (٢/ ١٤٣): «ينفرد به محمد بن عبد الله بن الحسن، وعنه الدراوردي، وقد رواه عبد الله بن نافع مختصرًا»
العلة الثالثة: تفرد الدراوردي عن النفس الزكية، بقوله: (وليضع يديه قبل ركبتيه)،
فقد رواه عبد الله بن نافع الصائغ (صدوق فيه لين)، عن النفس الزكية، دون هذا الحرف، ولفظه: (يعمِدُ أحدُكم في صلاته، فيبرُك كما يبرُك الجمل).
فعبد الله بن نافع والدراوردي يتفقان في الرواية عن النفس الزكية بالنهي عن التشبه ببروك البعير، وينفرد الدراوردي بلفظ: (وليضع يديه قبل ركبتيه)، ولا يعرف الدراوردي بالرواية عن النفس الزكية، وليس للدراوردي من الرواية عنه إلا هذا الحديث.
قال الدارقطني في الأفراد: «تفرد به الدراوردي، عن محمد بن عبد الله بن الحسن العلوي =

<<  <  ج: ص:  >  >>