وجه كونه منقلبًا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يبرك كما يبرك البعير)، ولم يقل: (لا يبرك على ما يبرك عليه البعير)، والفرق بين التعبيرين واضح، فالحديث نهى عن الكيفية، ولم ينه عن العضو الذي يبرك عليه البعير، فإذا تأملنا كيفية بروك البعير فإنه ينحني مقدم جسمه قبل مؤخره كما هو مشاهد، فإذا سجد الإنسان، وقدم يديه صار مشابهًا للبعير في انحناء المقدم قبل المؤخر، إذا علمنا ذلك، كان قوله: (وليضع يديه قبل ركبتيه) مناقضًا لقوله: (فلا يبرك كما يبرك البعير)، فلا يبعد أن يكون الراوي قلب الحديث، فبدلًا من قوله: (ولا يضع يديه قبل ركبتيه) قال: (وليضع يديه قبل ركبتيه). انتهى بتصرف من كلام شيخنا ابن عثيمين رحمه الله. وإذا علمنا أن هذه اللفظة لم ترد في لفظ عبد الله بن نافع، وإنما تفرد بها الدراوردي، وهو سيئ الحفظ، فربما كان الحمل عليه في هذا اللفظ. وقد يقال: إن التشبه بالكيفية يستلزم أن يبرك على الركب، فهذا علقمة والأسود قالا: حفظنا عن عمر في صلاته أنه خر بعد ركوعه على ركبتيه كما يخر البعير، فوصفا نزول عمر على ركبتيه أنه خر كما يخر البعير. فإذا كانت (ما) مصدرية كان اللفظ كخرور البعير، فوصفوا الخرور على الركب كخرور البعير، ويلزم منه أن الخرور على اليدين لا يوصف بذلك، والله أعلم، وسبق تخريج أثر عمر رضي الله عنه، وإذا كان عمر يخر كما يخر البعير كان ذلك دليلًا على أن النهي ليس عن مطلق بروك البعير، وإنما عن بروك الجمل الشارد، ولأن الأصل عدم انقلاب لفظ الحديث على الراوي. لهذه العلل أو بعضها ضعفه الإمام البخاري بالانقطاع، والدارقطني والبيهقي بالتفرد، واستغربه الترمذي، وقال حمزة الكناني نقلًا من فتح الباري لابن رجب (٧/ ٢١٨): هو منكر. وقال المناوي في الفيض (١/ ٣٧٣): «أعله البخاري والترمذي والدارقطني بمحمد بن عبد الله بن حسن وغيره».
(١). صحيح البخاري (١/ ١٥٩). (٢). الحديث مداره على عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما. أخرجه أبو داود في الصلاة من رواية ابن العبد، ولم يذكره أبو القاسم كما في التحفة (٨٠٣٠)، =