للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• ويجاب:

قال بكر أبو زيد: لا يعرف في رصِّ الساجد عقبيه آثار عن السلف من الصحابة رضي الله عنهم، فمن بعدهم، وأنه لم يتم الوقوف على تفريع لأَحد من الفقهاء بمشروعية رَصِّ العقبين حال السجود سوى كلمة ابن تميم، ومن معه ممن لم يُسَمَّ من الحنابلة، ولَعَلَّها من شاذ التفقه.

فبقي أن يقال: المشروع للساجد: هو تفريج القدمين؛ استصحابًا للأَصل حال القيام في الصلاة .... ولأَن سنة السجود: الاعتدال في الهيئة، والمجافاة، والتفاج، وتفريق الأَعضاء، أعضاء السجود، ومنها التفريق بين الركبتين، والفخذين، والقدمان تابعان للفخذين، فتكون السنة فيهما كذلك.


=علق الشيخ بكر أبو زيد في كتابه لا جديد في أحكام الصلاة (ص:٧٤):وهذه كلمة استقرائية مفيدة شذوذ هذه اللفظة ونكارتها، وأن ترجمة ابن خزيمة لهذه الرواية بقوله: «باب ضم العقبين في السجود» تعني فقه هذه الرواية التي أَسندها مع صرف النظر عن صحتها من عدمها، لا أنها صحيحة في نفس الأَمر ويقع هذا كثيرًا في تراجمه فتدبر».
قال الشيخ ابن باز رحمه الله كما في فتاوى نور على الدرب (٨/ ٢٩٤): «أما ما يروى أنه - صلى الله عليه وسلم - كان ساجدًا راصًّا عقبيه مستقبل بأطراف أصابعه القبلة) فهذا فيه نظر، الظاهر أنه شاذ، ومخالف للأحاديث الصحيحة ... والمحفوظ أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقيم قدميه، كل واحدة منفردة عن الأخرى». اهـ
والحديث في مسلم من طريق أصح، وليس فيه قوله: (راصًا عقبيه).
فقد رواه مسلم (٢٢٢ - ٤٨٦) من طريق عبيد الله بن عمر، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن عائشة، قالت: فقدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان، وهو يقول: اللهم أعوذ برضاك من سخطك ... الحديث.
قال شيخنا ابن عثيمين كما في فقه العبادات (ص: ١٦١): «معلوم أن اليد الواحدة لا تقع على قدمين منصوبتين إلا وبعضها قد ضم إلى بعض، وكذلك جاء صريحًا في صحيح ابن خزيمة رحمه الله أنه يلصق إحدى القدمين بالأخرى في حال السجود». اهـ
و لا يلزم من وقوع اليد على القدمين أن تكون ملتصقتين، نعم قد يدل على أنه لا يفرج بينهما تفريجًا شديدًا هذا إذا فسرنا قوله: (فوقعت يدي) أنها إحدى يديها، واليد نكرة مضافة إلى معرفة، فقد تريد بها كلتا يديها، واللغة تحتمله، قال تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: ١٨]، فـ (نعمة) مفردة مضافة إلى معرفة، فعمت.

<<  <  ج: ص:  >  >>