للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ابن عباس، قال: أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسجد على سبعة أعظم، ونهي أن يكف شعره وثيابه، الكفين والركبتين والقدمين والجبهة (١).

وجه الاستدلال:

أن المحفوظ في حديث ابن عباس ذكر الجبهة دون الأنف، فإذا عجز بالسجود على الجبهة سقط فرض الوجه، وأما الأنف فالسجود عليه على وجه التبع للجبهة، لأن حديث ابن عباس ذكر الجبهة بالعبارة، وأشار على الأنف، والإشارة من فعل طاوس، كما بينت ذلك عند الكلام على تخريج الحديث، وهذا الدليل يتوافق مع مذهب المالكية دون مذهب الحنابلة.

وعلى فرض أن يكون السجود على الأنف مأمورًا به، فإن الأنف ذكر على وجه التبع للجبهة، وإلا لكان السجود على ثمانية أعضاء، والتابع لا يستقل بنفسه، فحيث سقط فرضها سقط تابعها.

وإذا قلنا: لا يجب السجود على الأنف وحده، فلو سجد على أنفه هل يجزئه؟ فيه قولان في مذهب المالكية.

سأل سحنون ابن القاسم كما في المدونة: «أرأيت من كانت في جبهته جراحات وقروح، لا يستطيع أن يضعها على الأرض، وهو يقدر على أن يضع أنفه، أيسجد على أنفه في قول مالك، أم يومئ؟ قال: بل يومئ إيماءً .... قلت لابن القاسم: أتحفظ عنه إن هو سجد على الأنف دون الجبهة شيئًا قال: لا أحفظ عنه في هذا شيئًا. قلت: فإن فعل أترى أنت عليه الإعادة؟ قال: نعم في الوقت وغيره» (٢).

فإن خالف فرضه، وسجد على أنفه:

فقيل: يجزئه، لأنه إيماء وزيادة، وهذا اختيار أشهب من المالكية، بل قال أشهب: هو أبلغ من الإيماء. اهـ

وقياسًا على الرجل يغسل رأسه في الوضوء بدلًا من مسحه، فإنه يجزئ عنه.

واختلف المتأخرون في مقتضى قول ابن القاسم:

فاختار ابن يونس وشيخه عتيق: أنه موافق لقول أشهب؛ لأن الإيماء ليس له


(١). صحيح مسلم (٢٢٧ - ٤٩٠).
(٢). المدونة (١/ ١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>