للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حد ينتهي إليه، فهو لو أومأ حتى قارب الأرض بأنفه لأجزأه باتفاق، فليس زيادته بالسجود على أنفه بالذي يبطل إيماءه.

ولأن الإيماء رخصة للضرورة، فلو أراد تحمل الضرورة، وسجد على جبهته وأنفه لأجزأه كجنب أبيح له التيمم لبرد وغيره فتركه، واغتسل، فكذلك لو سجد على أنفه.

واختار ابن القصار: أن قول ابن القاسم مخالف لقول أشهب؛ وإليه ذهب شيوخ ابن يونس؛ لأنه لم يَأْتِ بالأصل، وهو السجود على الجبهة، ولا ببدله، وهو الإيماء (١).

• وسبب الخلاف:

الاختلاف في الحركة بين الأركان، أهي فرض مقصودة في نفسها، أم هي وسيلة، والمقصود هو الركوع والسجود.

فإن قيل: هي مقصودة في نفسها حسن القول بأن المأمور به في الإيماء نهاية ما يقدر عليه من الإيماء، لا سيما إذا قلنا: إن الإيماء ليس ببدل، وإنما السجود والحركة إليه كفرضٍ واحدٍ، عجز عن بعضه، وقدر على بعض، فيجب ألا يُتْرَك شيء من المقدور عليه لأجل المعجوز عنه، فيجب عليه أن يأتي من الإيماء ما يطيقه، فلو قصر عن طاقته فسدت صلاته، فيكون السجود على الأنف هو فرضه، باعتبار أنه قادر أن يبلغ بالإيماء إلى هذا الحد، فوجب عليه، ولأنه أقرب للأصل.

وإن قيل: الحركة بين الأركان وسيلة، وليست مقصودة في نفسها، حسن القول بأنه لا يؤمر أن يبلغ بالإيماء إلى نهاية ما يقدر عليه، فيكفي ما يسمى إيماء مع القدرة على أكثر منه، خاصة إذا اعتبرنا أن الإيماء بدل عن السجود، فإذا سجد على أنفه فقد خالف فرضه، وصار كمن سجد بدلًا عن الركوع، فإنه لا يعتد بذلك، وإن كان زاد على مقدار الركوع (٢).

* * *


(١). قال ابن جزي في القوانين (ص: ٤٦): «ومن كان بجبهته قروح تؤلمه إن سجد أومأ عند ابن القاسم، وسجد على الأنف عند أشهب». وانظر: حاشية الدسوقي (١/ ٢٥٩)، الذخيرة للقرافي (٢/ ١٩٥)، شرح التلقين (٢/ ٨٦٨)، التوضيح لخليل (١/ ٣٥٢)، التاج والإكليل (٢/ ٢٦٩)، شرح ابن ناجي على الرسالة (١/ ١٤٥).
(٢). انظر شرح الخرشي (١/ ٢٩٧)، شرح التلقين (٢/ ٨٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>