للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن رجب في القواعد: «المريض إذا عجز في الصلاة عن وضع وجهه على الأرض وقدر على وضع بقية أعضاء السجود، فإنه لا يلزمه ذلك على الصحيح، لأن السجود على بقية الأعضاء إنما وجب تبعًا للسجود على الوجه وتكميلًا له» (١).

وقيل: يلزمه ذلك، اختاره القاضي أبو يعلى من الحنابلة، ومال إليه الخلوتي في حاشيته على منتهى الإرادات، وهو اختيار شيخنا ابن عثيمين، وشيخه السعدي (٢).

• دليل من قال: لا يلزمه السجود على غير الوجه:

اعتمد الجمهور في استدلالهم على قاعدة: أن المقصود بالسجود هو الوجه وبقية الأعضاء تبع له، سواء أقلنا: السجود على بقية الأعضاء من الواجبات أم من المستحبات، فإذا سقط الفرض عن الأصل وهو الوجه، سقط الفرض عن التابع.

وعمدتهم في تأصيل ذلك ثلاثة أدلة:

الدليل الأول:

أن كل موضع ذكر فيه السجود في الشرع، فإنما خص الوجه بالذكر دليل على أن سجود الوجه هو المقصود، ولم يَأْتِ قط، سجد قدمي أو ركبتي.

قال تعالى: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: ٢٩].

وقال تعالى: {يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا} [الإسراء: ١٠٧].

وجاء في مسلم من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ... وإذا سجد، قال: ... سجد وجهي للذي خلقه، وصوره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين .... الحديث (٣).


= وقال ابن قدامة في المغني (١/ ٣٧١): «وإن سقط السجود على الجبهة لعارض من مرض أو غيره سقط عنه السجود على غيره؛ لأنه الأصل، وغيره تبع له، فإذا سقط عن الأصل سقط عن التبع». اهـ وانظر: حاشية اللبدي على نيل المآرب (١/ ٥٨)، الإنصاف (٢/ ٦٧)، الفروع (٢/ ٢٠٠)، المبدع (١/ ٤٠٢)، الإقناع (١/ ١٢١)، شرح منتهى الإرادات (١/ ١٩٨).
(١). القواعد لابن رجب (ص: ١١).
(٢). الإنصاف (٢/ ٦٧)، حاشية الخلوتي على منتهى الإرادات (١/ ٣٠٣)، الفتاوى السعدية (ص: ١٤٧)، الشرح الممتع (٤/ ٣٣٧).
(٣). مسلم (٢٠١ - ٧٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>