للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسميت الخطبة قرآنًا؛ لاشتمالها عليه، ولا يقال: إنه يجمع بين الصلاة والاستماع؛ لأن الاشتغال بالصلاة، والقراءة فيها تنفي الاستماع (١).

وقد نقل ابن رجب في شرح البخاري عن الإمام أحمد أنه قال: أجمعوا أن هذه الآية نزلت في الصلاة، وفي الخطبة (٢).

وقال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: قال الإمام أحمد في قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: ٢٠٤]، قال: أجمع الناس أنها نزلت في الصلاة.

وقد قيل: في الخطبة، والصحيح أنها نزلت في ذلك كله (٣).

•ويجاب بأجوبة منها:

الجواب الأول:

لعل مراد الإمام أحمد أن الأقوال في نزول الآية عند السلف بعضهم قال: نزلت في الصلاة، وبعضهم قال: نزلت في الخطبة، فإحداث قول ثالث يخالف اتفاقهم، ولا يقصد أن الإجماع حصل على الصلاة والخطبة، يبين ذلك عبارة ابن المنذر في الأوسط بعد أن ساق الآثار في نزول الآية عن ابن عباس وأبي هريرة أنها نزلت في الصلاة، قال: «وقال آخرون: في الخطبة، وقد ذكرت أسانيدها في غير هذا الموضع، فقال بعض من يقول بهذا القول: لولا أنهم اتفقوا على أن الآية نزلت في الصلاة، أو في الصلاة والخطبة لوجب بظاهر الكتاب على كل من سمع قارئًا يقرأ أن يستمع لقراءته؛ لقوله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ


= إبراهيم بن أبي حرة، أنه سمع مجاهدًا قال في هذه الآية: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: ٢٠٤]، قال: في الصلاة والخطبة يوم الجمعة.
ومن طريق شعبة أخرجه سعيد بن منصور في سننه، كتاب التفسير (٩٧٧)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (٢٦٣، ٢٦٤)، وسنده صحيح، وإبراهيم بن أبي حرة وثقه ابن معين وأحمد، وأبو حاتم، وزاد الأخير: لا بأس به.

(١). انظر التجريد للقدوري (٢/ ٩٤٢).
(٢). فتح الباري لابن رجب (٨/ ٢٦٩) و (٨/ ٢٨٠).
(٣). الفتاوى الكبرى (٥/ ٣٥٥)، المستدرك على مجموع الفتاوى (٣/ ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>