للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُرْحَمُونَ} [الأعراف: ٢٠٤]، فلما أجمعوا على إسقاط وجوب الاستماع عن كل سامع قارئًا يقرأ إلا عن السامع لقراءة الإمام، وهو خلفه، والسامع لخطبة الإمام خرج ذلك عن عموم الكتاب وظاهره بالاتفاق» (١).

فحكى الاختلاف هل نزلت في الصلاة أو في الصلاة والخطبة، وجعل الاتفاق هو في إسقاط وجوب الاستماع لمن سمع قارئًا، ولم يكن إمامًا، ولا خطيبًا، وأما وجوب الاستماع للإمام إذا قرأ، أو الخطيب إذا قرأ فهو محل نزاع، وإذا كان الفقهاء قد اختلفوا في سقوط الفاتحة عن المأموم إذا قرأ الإمام، فالخلاف في سقوط استماع الخطيب حال تحية المسجد من باب أولى، هذا معنى حكاية الاتفاق والاختلاف، والله أعلم.

الجواب الثاني:

بأن الآية عامة، تشمل الصلاة، وتشمل كل من كان يستمع الخطبة، وحديث جابر خاص في حق رجل دخل والإمام يخطب، والخاص مقدم على العام عند أهل الأصول؛ لأن العام ظني الدلالة على عموم أفراده؛ لكونه مظنة التخصيص، والخاص قطعي الدلالة؛ لأنه لا يحتمل ذلك، فإن كان في الخطبة قرآن يجب الاستماع له فهو مخصوص بالسنة الصحيحة، ولا مانع من تخصيص عموم القرآن وتقييد مطلقه بالسنة، كما أوجب بعض الفقهاء قراءة الفاتحة على المأموم في الصلاة الجهرية، ولو قرأ الإمام تقييدًا للآية بحديث: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب.

الدليل الثاني:

(ح-١١٣٤) ما رواه البخاري ومسلم من طريق عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سعيد بن المسيب،

أن أبا هريرة، أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت، والإمام يخطب، فقد لغوت (٢).

وجه الاستدلال:

قال ابن العربي: «إذا منعه بحرمة الخطبة عن الأمر بالمعروف، والنهي عن


(١). الأوسط (٣/ ١٠٥).
(٢). صحيح البخاري (٩٣٤)، وصحيح مسلم (١١ - ٨٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>