للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنكر، وهو فرض، فأولى وأحرى أن يمنعه عن تحية المسجد، وهي فضل» (١).

• وأجيب:

تحية المسجد في وجوبها نزاع، وعلى التسليم بأنها سنة فلا يمنع أن تقدم السنة على الواجب إذا كانت السنة يسيرة جدًّا لا يؤدي تقديمها إلى فوات الواجب، وقد ينازع في وقت وجوب سماع الخطبة، أيجب الاستماع بمجرد سماعها ولو قبل دخول المسجد، أم يجب الاستماع بعد الدخول وقبل تحية المسجد، أم لا يجب الاستماع إلا بعد أن يصلي تحية المسجد، وكلها احتمالات، والأمر بوجوب الإنصات للخطبة عام، خص منه الداخل حتى يصلي تحية المسجد، وإذا خص من الوجوب لم يبق الاستماع واجبًا في حق الداخل.

وأما حديث النهي عن إنكار المنكر فالمراد من الحديث الحض على الإنصات وترك الكلام، ولو فتح الباب للمصلين لينصح بعضهم بعضًا لربما أفسدوا على الإمام خطبته بظهور اللغو بين المصلين في أثناء الخطبة، بخلاف تحية المسجد فهي لا تؤثر على سماع الناس الخطبة، وقد أمر المصلي بتخفيفها، لهذا فالصحيح أن حديث الأمر بصلاة تحية المسجد مقيد لإطلاق هذا الحديث.

الدليل الثالث:

(ح-١١٣٥) ما رواه أحمد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية يعني ابن صالح، عن أبي الزاهرية، قال:

كنت جالسًا مع عبد الله بن بسر يوم الجمعة، فجاء رجل يتخطى رقاب الناس، ورسِول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: اجلس، فقد آذيت، وآنيت (٢).

[إسناده جيد إن كان حفظه معاوية بن صالح، فقد تفرد به عن أبي الزاهرية] (٣).

• وقد رده ابن حزم من أربعة وجوه:

أحدها: أنه لا يصح، لأنه من طريق معاوية بن صالح، لم يَرْوِهِ غيره، وهو ضعيف.


(١). القبس (١/ ٣٥١).
(٢). المسند (٤/ ١٩٠).
(٣). سبق تخريجه في مسألة حكم تحية المسجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>