كلها في الجلسة الأولى، والآخرة، وبين السجدتين على هيئة واحدة.
وهو أن يفضي بوركه الأيسر إلى الأرض، وينصب قدمه اليمنى على صدرها، ويجعل قدمه اليسرى تحت ساقه الأيمن، ويبسط كفه اليسرى على فخذه اليسرى، ويقبض أصابع يده اليمنى، ويشير بالسبابة التي تلي الإبهام» (١).
وأما كلام عبد الوهاب فليس صريحًا فقد رجعت إليه في الإشراف، فكان يتكلم عن أن التورك مشروع في التشهد الأول كالأخير، وعلل ذلك بقوله:«لأنها صفة مسنونة حال القعود فلم يختلف صفتها كوضع اليدين على الفخذين»، يعني أن الصفة في التشهدين واحدة، فإن كان هناك كلام آخر للقاضي عبد الوهاب، وإلا فتأمله فلم يظهر لي أنه يرى القبض والإشارة في جلسة ما بين السجدتين.
وقد ذهب إليه شيخنا ابن عثيمين رحمه الله تعالى ونصره اعتمادًا على إطلاق اللفظ في بعض الأحاديث.
والذي أراه أن قبض أصابع اليد اليمنى والإشارة بالسبابة لا يكون في الجلسة بين السجدتين، ولا في جلسة الاستراحة، بل يجب حمل الروايات المطلقة في الجلوس على الروايات المقيدة، وأنه في التشهد، وليس في مطلق الجلوس في الصلاة، وكنت في أكثر من مناسبة أدعو إلى ربط فهم النص بما جرى عليه العمل عند السلف، لا أن المجتهد يتعامل مع النصوص بمعزل عما جرى العمل عليه، وتلقته الأمة على اختلاف أئمتها وفقهائها، فاللغة إحدى الأدوات لفهم النص، وليست الأداة الوحيدة، فكم من عام أُرِيَد به خاصٌّ، وكم من مطلق كشف العلماء أن الإطلاق غير مراد، وحملوه على صفة خاصة، فالمعنى الشرعي قد يكون أخص أو أعم من المعنى اللغوي، ولكن هناك تأثر بمنهج الظاهرية وإن لم يوافقوهم في ترك القياس.
يقول الشيخ بكر أبو زيد: هذه الرواية لو كانت هي السياق الوحيد لحديث وائل رضي الله عنه ثم لم يخالفه الآخرون الذين وصفوا صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - لكانت دلالتها على الإشارة بالسبابة بين السجدتين ظاهرة، ولرأيت تسابق العلماء إلى القول بها، وعقد التراجم على مشروعيتها، وجريان عمل المسلمين بها، لكن