للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجوب وإنما أمرهم تصحيحًا لفعلهم، فلا يفيد الوجوب، ورواية أبي إسحاق وقع فيها اختصار، وقد عنى بقوله: (كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا نعلم شيئًا) كالاعتذار مما كانوا يفعلونه مخالفًا للسنة، كما في حديث: إذا عثرت الدابة فلا تقل: تعس الشيطان فإنه يتعاظم ... ولكن قل باسم الله.

فالأمر بالتسمية لا يفيد الوجوب. وكلام جمهور الأصوليين بأن الأصل في الأمر الوجوب إنما هو في الأمر المجرد، أما إذا كان الأمر قد تسبب فيه المأمور، كأن يفعل خطأ فيؤمر بالصواب، أو يسأل فيأتيه الجواب على سؤاله بصيغة الأمر فليست صريحة في الوجوب، والله أعلم.

الوجه الثاني:

أنه ذكر مع التشهد الدعاء، والتشهد الأوسط لا دعاء فيه على الصحيح، فقد يكون ذلك قرينة على أنه عنى به التشهد الأخير، والخلاف في وجوبه أقوى من الخلاف في وجوب التشهد الأول، أو أن ذكر الدعاء فيه ليس محفوظًا، والله أعلم.

الدليل الثاني:

(ح-١٩٤٣) ما رواه مسلم من طريق أبي عوانة، عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن حطان بن عبد الله الرقاشي، قال: صليت مع أبي موسى الأشعري صلاةً ... فذكر قصة، وفيه: ... قال أبو موسى: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبنا، فبين لنا سنَّتنا، وعلمنا صلاتنا. فقال: - صلى الله عليه وسلم -: إذا صليتم، فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم أحدكم، فإذا كبر فكبروا، وإذ قال {غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّين} [الفاتحة: ٧]، فقولوا: آمين، يجبكم الله .... وذكر الحديث وفيه: وإذا كان عند القعدة فليكن من أول قول أحدكم: التحيات الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .... الحديث (١).

وجه الاستدلال:

قوله: (فليكن من أول قول أحدكم التحيات ... ) وهذا أمر بالتحيات،


(١). صحيح مسلم (٦٢ - ٤٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>