للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو غير معذور بالنسيان؟

فلو كان التشهد واجبًا لقيل للمأموم تشهد والحق بالإمام إن كان يمكنك ذلك، وإلا فأنت معذور بتخلفك عن الإمام؛ لأن المأموم لا يترك جزءًا من صلاته لواجب المتابعة إلا أن يكون ذلك الجزء ليس واجبًا، فالمتابعة واجبة للصلاة والتشهد واجب فيها، وما كان واجبًا فيها كان أولى بالمراعاة، و إنما تجب المتابعة إذا لم يترتب عليها الإخلال بواجباتها.

فإن قيل: إن كان مسنونًا فلماذا يجبر بسجود السهو؟ فالجبر لا يكون إلا لترك واجب قياسًا على ترك واجبات الحج، فإن تركه لا يبطل الحج، ويجب له الجبر على قول جمهور العلماء.

فالجواب: جبره بسجود السهو، إن كان المصلي قد أمر به من قبل الشارع، فالأصل في الأمر الوجوب. أو كان هناك إجماع على أن سجود السهو لا يصح فعله لترك السنن، فيكون سجود النبي - صلى الله عليه وسلم - للسهو دليلًا على وجوب التشهد.

ولا أعلم دليلًا يأمر المصلي بالسجود إذا ترك التشهد الأول، وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يدل على الوجوب، وإنما المحفوظ هو السجود للسهو تأسيًا بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا وحده لا يكفي دليلًا على وجوب التشهد، وليس هناك إجماع بأن المصلي لا يسجد لترك السنن المؤكدة في الصلاة حتى يقال: إن سجود النبي - صلى الله عليه وسلم - دليل على وجوب التشهد، والجمهور قالوا يسجد للسهو لترك السنن على خلاف بينهم في هذه السنن إلا الحنفية فإنهم قالوا: لا يشرع سجود السهو لترك السنن.

فالحنابلة في المعتمد يقولون بمشروعية سجود السهو إذا أتى بسنة قولية في غير موضعها، ويباح السجود لترك سنة قولية.

والشافعية يرون مشروعية سجود السهو إذا ترك من السنن ما هو من أبعاض الصلاة كالقنوت، والتشهد الأول، والقعود له.

والمالكية يرون مشروعية سجود السهو إذا ترك سنة مؤكدة، فلم يكن سجود السهو لترك التشهد دليلًا على وجوب التشهد عند جمهور العلماء بما فيهم الحنابلة القائلون بوجوب التشهد الأول، وزيادة السجود في الصلاة إذا وجد المقتضي

<<  <  ج: ص:  >  >>