للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الاستدلال:

قول الصحابي: (قبل أن يفرض التشهد)، وقوله: (لا تقولوا ... ولكن قولوا التحيات لله) فدل على وجوبه: بقوله: قبل أن يفرض، وللأمر به في قوله: (قولوا التحيات لله)، والأصل في الأمر الوجوب.

• ويناقش:

أن لفظ: (قبل أن يفرض التشهد) إذا لم يثبت لم يكن هناك فرق بين التشهد الأول والتشهد الأخير، ولفظهما واحد، إلا أن هذا في وسط الصلاة، والثاني في آخرها، ويعقبه التسليم، وهذا لا يثبت فرقًا.

فلو صح لفظ: (قبل أن يفرض علينا التشهد) لكان هذا دليلًا على وجوب التشهد الأول والأخير؛ لأن (أل) في التشهد للعموم.

ولفظ (قبل أن يفرض علينا) لو صح لا يدل على الركنية؛ لأن التفريق بين الفرض والواجب لفظ اصطلاحي من قبل الفقهاء، وليس اصطلاحًا شرعيًّا، وإنما الافتراق بين ترك الركن والواجب إنما هو في الحكم، أما الشرع فلا يفرق في الاصطلاح بين الفرض والواجب، ويطلق أحدهما على الآخر.


= قال الطحاوي في المشكل (١٤/ ٢٦٩): «ولا نعلم أحدًا روى هذا الحديث، فيذكر فيه: فلما فُرِضَ التشهد، غير ابن عيينة، وقد رواه من سواه، وكلهم لا يذكر فيه هذا الحرف».
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (١/ ٤٨٨): «لم يقل أحد في حديث ابن مسعود هذا بهذا الإسناد، ولا بغيره: قبل أن يفرض التشهد، والله أعلم».
وقال ابن عساكر في الأربعين البلدانية (ص: ٨٥): «وأخرجه النسائي في سننه عن سعيد بن عبد الرحمن كما أخرجناه، وهو ينفرد بقوله: قبل أن يُفرَض التشهد؛ فإنها لفظة لم يَأْتِ بها غيره».
فجعل الحمل على الراوي عن ابن عيينة، وهذا صحيح لو كان ابن عيينة قد سمعه من أبي وائل، أما وقد دلسه كما قال الإمام أحمد، فلا يمكن الجزم بأن الحمل على سعيد بن عبد الرحمن المخزومي وهو من ثقات أصحاب ابن عيينة، والله أعلم.
بقي الجواب عن قول الدارقطني في السنن:: هذا إسناد صحيح. اهـ
وكأن الدارقطني في السنن ليس هو الدارقطني في العلل، ولعل نفس الدارقطني في السنن تغلب عليه الصنعة الفقهية؛ لكونه كتابًا جرى تأليفه على أبواب الفقه.
وقد تابع الدارقطني كل من البيهقي والحافظ ابن حجر، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>