للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا لم يصح حرف (قبل أن يفرض التشهد) لشذوذه، ومخالفة كل من روى الحديث عن ابن مسعود ابتداء بأصحابه، إلى آخر طبقة فلا يصح الاحتجاج بهذا الحرف دليلًا على وجوب التشهد.

وأما الأمر بالتحيات فلا يفيد الوجوب أيضًا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرهم بالتحيات ابتداء وإنما نهاهم عن خطأ كانوا يقعون فيه، فكانوا يقولون: السلام على الله، السلام على جبريل وميكائيل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تقولوا هكذا) فناسب أن يرشدهم إلى الصواب، فقال: (ولكن قولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات).

والأمر إذا تسبب فيه المأمور إما بالسؤال وإما بالتعبد بما لا يشرع، فأمر بسبب ذلك بالصواب لا يستفاد من الأمر الوجوب فليس بمنزلة الأوامر الشرعية التي توجه للمكلف طالبة منه الفعل ابتداء، والله أعلم.

وكون التشهد الأول يسقط بالنسيان، فهل التشهد الأخير يختلف عنه؟

لا يمكن الجزم بوجود فرق بين التشهد الأول والأخير من هذه الناحية حيث لم يثبت في السنة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سها عن التشهد الأخير، ولم يسقطه بالنسيان حتى نجزم بوجود فارق بينهما، فكان مقتضى القياس سقوطه بالنسيان، خاصة أن سقوط التشهد الأول بالنسيان لم يَأْتِ من السنة القولية حتى يقال: لما خص التشهد الأول بالسقوط فهم منه أن التشهد الأخير يختلف عنه، وإنما جاء من السنة الفعلية لعارض السهو، فكان المعنى التسوية بين التشهد الأول والأخير، وقد سوى بينهما النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث أسقطهما في حديث المسيء صلاته، فلم يذكر له التشهدين.

ولأن التفريق في الحكم بين التشهد الأول والأخير إن كان ذلك يتعلق باللفظ فألفاظهما واحدة.

وإن كان اختلاف الحكم بينهما يتعلق بالمحل فلا فرق، فالغالب أن التشهد يأتي بعد كل ركعتين إلا المغرب، فلا يوجد معنى يوجب التفريق بين التشهد الأول والأخير، ومن جزم باختلاف التشهد الأخير عن الأول فعليه الدليل.

وكون التشهد الأخير يزيد بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وآله، وبالتعوذ والدعاء، فهذه

<<  <  ج: ص:  >  >>