للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا صح هذا في التشهد الأول، فالتشهد الأخير مقيس عليه؛ لأن التشهد جنس واحد في عبادة واحدة، وقياسًا على ما يشرع تكراره في الصلاة كالسجدتين فما يصح في إحداهما يصح في الأخرى.

وكون ترك التشهد سببًا لسجود السهو لا يدل على وجوب التشهد قياسًا على سجود التلاوة، حيث تزاد في هيئة الصلاة ولا يدل ذلك على وجوبها، ولأن جمهور الفقهاء يستحبون السجود لترك السنن، ولم يوجد أمر من الشارع بالسجود لترك التشهد بالنسيان حتى يقال وجوب السجود دليل على وجوب التشهد، والله أعلم.

وقد سبق لي الجواب عن هذا الاستدلال في المسألة السابقة، فارجع إليه إن شئت.

• دليل من قال: التشهد واجب، وليس بفرض:

(ح-١٩٥٩) استدلوا بما رواه البخاري ومسلم من طريق الأعمش، حدثني شقيق،

عن عبد الله، قال: كنا إذا كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة، قلنا: السلام على الله من عباده، السلام على فلان وفلان، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تقولوا السلام على الله، فإن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإنكم إذا قلتم أصاب كل عبد في السماء أو بين السماء والأرض، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه، فيدعو. هذا لفظ البخاري وأحال مسلم في لفظه على رواية سابقة (١).

ورواه البخاري ومسلم من طريق جرير، عن منصور، عن أبي وائل،

عن عبد الله رضي الله عنه، قال: كنا نقول في الصلاة: السلام على الله، السلام على فلان، فقال لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم: إن الله هو السلام، فإذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل: التحيات لله -إلى قوله- الصالحين، فإذا قالها أصاب كل عبد لله في السماء والأرض صالح، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمَّدًا عبده ورسوله، ثم يتخير من الثناء ما شاء (٢).


(١). صحيح البخاري (٨٣٥)، وصحيح مسلم (٥٨ - ٤٠٢).
(٢). صحيح البخاري (٦٣٢٨)، وصحيح مسلم (٥٥ - ٤٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>