للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الاستدلال:

أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بالتشهد، والأصل في الأمر الوجوب، ولا تثبت الركنية بمجرد الأمر به؛ لأن الركنية قدر زائد على الوجوب ولم يوجد في الأدلة ما يدل على انتفاء الصلاة بانتفائه حتى تثبت به الركنية، وأما على أصول الحنفية لا تثبت الركنية إلا بدليل قطعي الثبوت، وهذا من أحاديث الآحاد.

فإذا اجتمع الأمر الشرعي بالتشهد، وصدقته المواظبة من لدن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فلم يثبت عن أحد منهم أنه تركه، كان هذا دليلًا على وجوبه، ولو كان سنة لنقل ما يدل على جواز الترك، والله أعلم.

وقد ناقشت الاستدلال بالأمر بالتحيات عند الكلام على حكم التشهد الأول، وأما الجواب عن المواظبة فهي تدل على أنه من السنن المؤكدة، ولا تكفي وحدها لتدل على الوجوب، فهناك سنن واظب عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - حضرًا وسفرًا، ومع ذلك هي في عداد السنن، كالوتر، وسنة الصبح، ونحوهما، والله أعلم.

• دليل من قال: التشهد سنة:

ذكرت أدلتهم عند الكلام على حكم التشهد الأول، فانظره هناك دفعًا للتكرار.

• الراجح:

ما رجحته في التشهد الأول أرجحه في التشهد الأخير؛ لأن حكمهما واحد على الصحيح، ولم يقم دليل صريح صحيح في التفريق بينهما، والله أعلم.

وقد نقلت قول أحمد: «إذا لم يتشهد وسلم أجزأه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (وتحليلها التسليم) والتشهد أهون، قام النبي - صلى الله عليه وسلم - في اثنتين فمضى في صلاته، ولم يتشهد» (١).

فاستشهد على صحة ترك التشهد الأخير بالقياس على عدم الرجوع إلى التشهد الأول حين تركه نسيانًا، وقول أحمد موافق لمذهب المالكية، وهو مقتضى دلالة حديث المسيء في صلاته حيث لم يذكر له النبي - صلى الله عليه وسلم - التشهدين، والله أعلم.

* * *


(١). سنن الترمذي (٢/ ٢٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>