للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: لعل الرفع كان هو الأول، فيقدم الحفظ القديم، فقد روى الخليلي بإسناده عن حماد بن زيد، قال: قال علي بن الحكم: حدثنا عمرو فرفعه، ثم شك في الرفع، فجعل لا يجاوز أبا هريرة (١).

فالجواب: أن السراج في حديثه والبيهقي في سننه رويا بإسنادهما عن زكريا بن عدي عن حماد بن زيد أنه قال: قال علي بن الحكم: حدث بهذا عمرو مرة فرفعه، فقال له رجل: إنك لم تكن ترفعه قال: بلى، قال: لا والله، قال: فسكت (٢).

فقد تشير هذه الرواية إلى أن الرفع طارئ على رواية الوقف، والله أعلم، والذي لا سبيل إلى الشك فيه أن الاختلاف جاء من عمرو بن دينار نفسه، لا من الرواة عنه، فالذهاب إلى الترجيح بين من رواه مرفوعًا ومن رواه موقوفًا إنما يكون سديدًا لو كان هذا الاختلاف جاء من الرواة عن عمرو، فيكون الترجيح في الموازنة بينهما عددًا وحفظًا، أما إذا كان الاختلاف من شيخهم فكيف تكون العهدة عليهم؟ ولهذا لم يرجح الدارقطني في علله بين روايتي الوقف والرفع، وكذلك فعل يحيى بن معين، فقال: «يرفعه قوم، ويوقفه قوم، جميع الذين رووه ليس بهم بأس» (٣).

وكان ابن عيينة لا يرويه إلا موقوفًا، ولما قيل له: إنهم يروونه مرفوعًا، قال: اسكت قد عرفت ذلك، فلم يعبأ بالرواية المرفوعة حين رأى أن الاختلاف ليس من الرواة، وإنما من شيخه عمرو بن دينار، وسوف أوثق لك النقل عن ابن عيينة في تخريج الحديث إن شاء الله تعالى.

ولو قيل بالترجيح بين الرواة مع أني لا أذهب إليه فإن حماد بن زيد وابن عيينة، وابن جريج قد رووه عن عمرو بن دينار موقوفًا، وهم من أثبت أصحاب


(١). الإرشاد في معرفة علماء الحديث (٢/ ٤٩٩).
(٢). حديث السراج (٢١١٩)، والسنن الكبرى للبيهقي (٢/ ٦٧٩).
(٣). قال أبو خالد الدقاق (ص:٣٦١): «سمعت يحيى يقول: حديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة) يرفعه قوم، ويوقفه قوم، جميع الذين رووه ليس بهم بأس». اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>