للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاء الله تعالى في الأدلة.

• ونوقش الاستدلال بالحديث:

بأن الحديث مداره على عمرو بن دينار، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، وكان عمرو بن دينار تارة يرفعه، وتارة يوقفه، ولو كان الاختلاف من الرواة عن عمرو بن دينار لأمكن الترجيح بين الرواة، فيحكم للأكثر والأحفظ، أما إذا كان مرد الاختلاف من الرجل الذي عليه مدار الحديث، فهو دليل على عدم ضبطه، فيكون ذلك علة في الحديث، فليس قبول المرفوع منه بأولى من قبول الموقوف عنه، والمتيقن الوقف، والموقوف ليس بحجة، وقد قال حماد بن زيد كما في صحيح مسلم بأنه سمعه من أيوب، عن عمرو دينار مرفوعًا، ثم سمعه من عمرو نفسه موقوفًا، فهذه شهادة من حماد أن مصدر الاختلاف جاء من عمرو بن دينار، وليس من الرواة عنه، وقد تجنب البخاري تخريجه في صحيحه، قال الحافظ ابن رجب: وإنما لم يخرجه البخاري؛ لتوقفه، أو لترجيحه وقفه (١).

قال أبو زرعة: الموقوف أصح (٢).


(١). قال البخاري في صحيحه (١/ ١٣٣): باب: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة، ثم أخرج حديث عبد الله بن بحينة آلصبح أربعًا؟ ولم يخرج حديث أبي هريرة.
وقال ابن حجر في الفتح (٢/ ١٤٩): « ... اختلف على عمرو بن دينار في رفعه ووقفه، وقيل إن ذلك هو السبب في كون البخاري لم يخرجه ... ».
وقال ابن رجب في فتح الباري (٦/ ٥٥): قد اختلف في رفعه ووقفه، واختلف الأئمة في الترجيح، فرجح الترمذي رفعه، وكذلك خرجه مسلم في صحيحه، وإليه ميلُ الإمام أحمد، ورجح أبو زرعة وقفه، وتوقف فيه يحيى بن معين، وإنما لم يخرجه البخاري لتوقفه، أو لترجيحه وقفه. والله أعلم.

قلت: لا يظهر لي أن مسلمًا رجح رفعه بمجرد ذكره في صحيحه إلا لو اقتصر على الرواية المرفوعة، أما وقد أتبعها برواية الوقف، فقد تكون إشارة إلى تعليله، كعادته في صحيحه، فنَفَس مسلم في الإعلال هي إيماءات وإشارات شأنه شأن الأئمة المتقدمين، وأما المتأخرون فقد أولعوا في البسط والإسهاب ولا تدري سبب ذلك، أهي المشكلة من الكاتب أم من المتلقي حيث يضطر الكاتب إلى بسط الكلام ليفهم عنه.
(٢). علل الحديث تحقيق مجموعة من الباحثين بإشراف فضيلة الشيخ سعد الحميد والدكتور خالد ...
الجريسي (٢/ ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>