للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الاستدلال:

أن قوله: (أمرنا الله بالصلاة عليك) والأصل في الأمر الوجوب.

وقوله: (قولوا: اللهم صَلِّ على محمَّد ... ) أمر، والأصل فيه الوجوب، ورواية محمد بن إسحاق فيها تنصيص على أن ذلك في الصلاة، وعلى فرض عدم


= العلة الثالثة: أن الإمام مالكًا، قد رواه عن نعيم بن عبد الله المجمر، عن محمد بن عبد الله بن زيد، ولم يذكر هذا الحرف، فاجتماع هذه العلل الثلاث تجعل في النفس شيئًا بل أشياء من تفرده، وإن حاول أن يدفع ذلك ابن القيم عليه رحمة الله.
قال ابن القيم في جلاء الأفهام (ص: ٣١): «وقد أعلت هذه الزيادة بتفرد ابن إسحاق بها، ومخالفة سائر الرواة في تركهم ذكرها، وأجيب عن ذلك بجوابين:
أحدهما: أن ابن إسحاق ثقة لم يجرح بما يوجب ترك الاحتجاج به، وقد وثقه كبار الأئمة، وأثنوا عليه بالحفظ والعدالة اللذين هما ركنا الرواية.
والجواب الثاني: أن ابن إسحاق إنما يخاف من تدليسه، وهنا قد صرح بسماعه للحديث من محمد بن إبراهيم التيمي، فزالت تهمة تدليسه ... ».
ومحمد بن إسحاق حسن الحديث، وليس مبرزًا فيه، وعلى التسليم بأنه ثقة لا يقبل تفرده ومخالفته فيشترط في حديث الثقة ألا يكون شاذًّا ولا معللًا، فإذا اجتمع في حديث الثقة ثلاث علل: تفرده، والاختلاف عليه، ومخالفته لمن هو أوثق، لم يقبل منه ذلك، كما هو معروف في علوم الحديث، وقد قال أيوب بن إسحاق بن سافري كما في تاريخ بغداد (١/ ٢٤٥): سألت أحمد إذا انفرد ابن إسحاق بحديث تقبله؟ قال: لا، والله، إني رأيته يحدث عن جماعة بالحديث الواحد، ولا يفصل كلام ذا من كلام ذا. اهـ
والإمام أحمد لا يحلف على شيء إلا بعد تتبع واستقراء لأحاديث الرجل.
وقال أبو داود كما في مسائله لأحمد (١٧٧): «سمعت أحمد ذكر محمد بن إسحاق، فقال: كان رجلًا يشتهي الحديث، فيأخذ كتب الناس، فيضعها في كتبه».
وعلق على هذا الذهبي فقال: هذا الفعل سائغ، فهذا الصحيح للبخاري فيه تعليق كثير.
وقال شعبة كما في تاريخ بغداد (١/ ٢٤٣): محمد بن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث، ووثقه ابن المديني.
وقال الدارقطني في السنن (٢/ ١٦٨): هذا إسناد حسن متصل. اهـ وكأن الدارقطني في السنن رجل آخر غير الذي عرفناه في العلل، ولهذا في العلل ساق الاختلاف، ولم يرجح.
وتخريج ابن خزيمة وابن حبان ذهاب منهما إلى تصحيحه، وليس ذلك بأول حديث يخرجانه في صحيحيهما، ولا يوافقان على ذلك، لذلك كانت رتبة الصحيح فيهما أقل من رتبة الصحيح في البخاري ومسلم وإن شَرَطَا الصحة؛ لنزول شرطهما عن شرط الشيخين، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>