للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثبوتها فقد قال البيهقي: «قوله في الحديث: (قد علمنا كيف نسلم عليك) إشارة إلى السلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد، فقوله: (فكيف نصلي عليك)؟ أيضًا يكون المراد به في القعود للتشهد» (١).

• وأجيب عن هذا الاستدلال:

الجواب الأول:

شذوذ ما تفرد به ابن إسحاق من قوله: (إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا)، وقد جَلَّى ذلك تخريج الحديث، ولله الحمد، فخرج من الاستدلال تعيين ذلك في الصلاة.

الجواب الثاني:

على التسليم أن قوله: (إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا) محفوظ، فإن الحديث لا يدل على الوجوب؛ لأن الصلاة علقها على فعل المصلي، مما يدل على أن الصلاة عليه ليست حتمًا لازمًا في الصلاة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أنتم صليتم عليَّ فقولوا: اللهم صَلِّ على محمد ... ) فعلق الصلاة على إرادتهم. ومفهومه: وإن لم تصلوا عليَّ فصلاتكم تامة.

الجواب الثالث:

أن السؤال الموجه من الصحابي رضي الله عنه (فكيف نصلي عليك)؟ سؤال عن الكيفية، فالأمر بالكيفية لا يفيد وجوب أصل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -.

يقول الشوكاني: «الأوامر المذكورة في الأحاديث تعين كيفيته، وهي لا تفيد الوجوب فإنه لا يشك من له ذوق أن من قال لغيره إذا أعطيتك درهمًا فكيف أعطيك إياه، أسرًّا أم جهرًا؟ فقال له: أعطنيه سرًّا كان ذلك أمرًا بالكيفية التي هي السرية لا أمرًا بالإعطاء، وتبادر هذا المعنى لغة وشرعًا وعرفًا لا يدفع.

وقد تكرر في السنة وكثر فمنه (إذا قام أحدكم الليل فليفتتح الصلاة بركعتين خفيفتين) الحديث. وكذا قوله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الاستخارة: (فليركع ركعتين ثم ليقل) الحديث. .... وقوله في الوتر: (فإذا خفت الصبح فأوتر بركعة).


(١). السنن الكبرى للبيهقي (٢/ ٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>