للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول بأن هذه الكيفية المسئول عنها هي كيفية الصلاة المأمور بها في القرآن فتعليمها بيان للواجب المجمل، فتكون واجبة لا يتم إلا بعد تسليم أن الأمر القرآني بالصلاة مجمل وهو ممنوع لاتضاح معنى الصلاة والسلام المأمور بهما، على أنه قد حكى الطبري الإجماع على أن محمل الآية على الندب، فهو بيان لمجمل مندوب لا واجب، ولو سلم انتهاض الأدلة على الوجوب لكان غايتها أن الواجب فعلها مرة واحدة، فأين دليل التكرار في كل صلاة؟ ولو سلم وجود ما يدل على التكرار لكان تركها في تعليم المسيء دالًّا على عدم وجوبه» (١).

ويقول شيخنا ابن عثيمين: «إذا تأملت هذا الحديث لم يتبيَّن لك منه أنَّ الصَّلاة على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - رُكنٌ، لأن الصحابة إنما طلبوا معرفة الكيفية؛ كيف نُصلِّي؟ فأرشدهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إليها، ولهذا نقول: إن الأمر في قوله: (قولوا) ليس للوجوب، ولكن للإِرشاد والتعليم» (٢).

ولأن الأمر من النبي - صلى الله عليه وسلم - وقع جوابًا على سؤال من السائل، فلا يدخل في الأمر المطلق، فإذا سألت رجلًا عن طريق مكة، فقال لك: اذهب من هنا، فقوله لك: (اذهب) ليس أمرًا منه لك بالذهاب، وإنما جاء الأمر جوابًا على سؤالك، ولم يَأْتِ الأمر منه ابتداء بالفعل من غير أن يتسبب فيه المأمور، فلا يكون صريحًا في الوجوب، فضلًا عن الركنية.

الدليل الثالث:

(ح-١٩٧٤) ما رواه ابن ماجه، قال: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، حدثنا ابن أبي فديك، عن عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي، عن أبيه،

عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه. ولا صلاة لمن لا يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا صلاة لمن لا يحب الأنصار.

قال أبو الحسن بن سلمة: حدثنا أبو حاتم، حدثنا عبيس بن مرحوم العطار، حدثنا عبد المهيمن بن عباس، فذكر نحوه (٣).


(١). نيل الأوطار (٢/ ٣٣٠).
(٢). الشرح الممتع (٣/ ٣١٠).
(٣). سنن ابن ماجه (٤٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>