للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حزم: «ويلزمه فرض أن يقول: إذا فرغ من التشهد في كلتا الجلستين: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ... وهذا فرض كالتشهد، ولا فرق» (١).

وقال ابن تيمية: «ذهب طائفة من السلف، والخلف، إلى أن الدعاء في آخرها واجب، وأوجبوا الدعاء الذي أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - آخر الصلاة بقوله: (إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع: ... وذكر الحديث). رواه مسلم، وغيره، وكان طاوس يأمر من لم يدع به أن يعيد الصلاة، وهو قول بعض أصحاب أحمد» (٢).

قال مسلم بن الحجاج: «بلغني أن طاوسًا قال لابنه: أدعوت بها في صلاتك؟ فقال: لا، قال: أعد صلاتك؛ لأن طاوسًا رواه عن ثلاثة أو أربعة، أو كما قال (٣).

قال أبو العباس القرطبي في المفهم: «وأَمْرُ طاوس ابنَه بإعادة الصلاة لمّا لم يتعوذ من تلك الأمور؛ دليل على أنه كان يعتقد وجوب التعوذ منها في الصلاة، وكأنه تمسك بظاهر الأمر بالتعوذ منها، وتأكد ذلك بتعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - إياها للناس، كما يعلمهم السورة من القرآن، وبدوام النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، ويحتمل أن يكون ذلك إنما أمره بالإعادة تغليظًا عليه؛ لئلا يتهاون بتلك الدعوات، فيتركها، فيحرم فائدتها وثوابها، والله تعالى أعلم» (٤).

وقال النووي في شرح مسلم: «لعل طاوسًا أراد تأديب ابنه، وتأكيد هذا الدعاء عنده، لا أنه يعتقد وجوبه، والله أعلم» (٥).

ورجح شيخنا ابن عثيمين ما قاله أبو العباس احتمالًا خاصة أن الأمر بالإعادة كان لابنه، في سياق تعليمه، لا لعامة المصلين (٦).

وما قاله أبو العباس ورجحه شيخنا قوي جدًّا؛ لأن الظاهر أن طاوسًا سأل


(١). المحلى بالآثار (٢/ ٣٠١).
(٢). مجموع الفتاوى (٢٢/ ٥١٨).
(٣). صحيح مسلم (١/ ٤١٣)، وقد وصله عبد الرزاق بسند صحيح في مصنفه (٣٠٨٧)، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، قال: قال لرجل: أقلتهن في صلاتك؟ قال: لا، قال: فأعد صلاتك.
(٤). المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم (٢/ ٢٠٩).
(٥). شرح النووي على صحيح مسلم (٥/ ٨٩)، طرح التثريب (٣/ ١٠٧).
(٦). الشرح الممتع (٣/ ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>