للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الاستدلال:

قوله - صلى الله عليه وسلم -: (فليتعوذ بالله من أربع)، فهذا أمر، والأصل في الأمر الوجوب، وقوله: (إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر). مفهومه اختصاص هذا الدعاء بالتشهد الأخير.

• وأجيب بجوابين:

الجواب الأول:

أن أكثر الرواة رووه بلفظ: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو ويقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ... )، وهو الموافق لحديث عائشة في الصحيحين، ونحوه حديث ابن عباس في مسلم.

الجواب الثاني:

لو قدر أن الأمر بالتعوذ محفوظ، فالشرط في دلالة الأمر على الوجوب ألا يوجد قرينة تصرفه إلى الاستحباب، وقد وجد ما يصرف الأمر عن الوجوب، كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه، فإنه بعد ما ذكر التشهد، قال: (ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه، فيدعو)، فلم يذكر الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذكر التعوذ بالله من الأربع، فدل على أن الأمر للاستحباب، وسيأتي ذكر الحديث تامًّا في أدلة الجمهور إن شاء الله تعالى.

قال ابن المنذر: «لولا خبر ابن مسعود لكان هذا يجب؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر به» (١).

وعلى التسليم بأن الأمر لا صارف له عن الوجوب فالحديث لا يدل على أن


= رواه أبو معاوية كما في مصنف ابن أبي شيبة (١٢٠٢٧، ٢٩١٣٦)، والأدب المفرد للبخاري (٦٤٨)، وسنن الترمذي (٣٦٠٤)، ومسند البزار (٩١٣٤).
وهدبة بن المنهال كما في الدعاء للطبراني (١٣٧٦)،
وفضيل بن عياض كما في حلية الأولياء (٨/ ١١٨).
وعبد الرحمن بن مَغْرَاء الدوسي، كما في إثبات عذاب القبر للبيهقي (١٩٣)،
وأبو عوانة كما في فوائد أبي بكر بن القاسم المطرز وأماليه (٩٧)، كلهم عن الأعمش، عن أبي صالح به، بلفظ الأمر: (تعوذوا بالله من جهنم، تعوذوا بالله من عذاب القبر، تعوذوا بالله من فتنة المسيح الدجال، تعوذوا بالله من فتنة المحيا والممات).
(١). الأوسط (٣/ ٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>