للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستعاذة فرض إلا إن قصدوا بالفرض الواجب، أما الركنية فهي قدر زائد على دلالة الوجوب، فيحتاج القول بها إلى دليل على انتفاء صحة الصلاة بتركها، ولم يوجد، أو يوجد إجماع على بطلان الصلاة بتركها ولو سهوًا، فالقول ببطلان الصلاة أو وجوب إعادتها بمطلق الترك لا تساعد عليه دلالة الأمر بها لو كان محفوظًا، وسلم من قرينة صارفة عن الوجوب إلى الاستحباب، والله أعلم.

الدليل الثاني:

(ح-١٩٩٧) ما رواه مسلم من طريق مالك بن أنس، فيما قرئ عليه، عن أبي الزبير، عن طاوس،

عن ابن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن يقول قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات (١).

• ويناقش:

بأن التشبيه لا يقتضي الوجوب؛ ذلك لأن تعليم السورة من القرآن ليس واجبًا، فكذلك هنا، فلا يستفاد من هذه الصيغة الوجوب، لورود هذه الصيغة بما هو مجمع على عدم وجوبها.

(ح-١٩٩٨) فقد روى البخاري من طريق عبد الرحمن بن أبي الموالي، عن محمد بن المنكدر،

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن (٢).

والمقصود من التشبيه الحرص على التقيد بلفظ التشهد من غير زيادة ولا نقص ولا استبدال ألفاظه بأخرى، وهذا لا يدل على الوجوب؛ لأن كل ذكر مقيد لا يتجاوز به الصفة الواردة، قياسًا على التكبير في الصلاة وأدعية الاستفتاح، بخلاف الذكر المطلق؛ لقول النبي للصحابي الذي قال: آمنت بكتابك الذي


(١). صحيح مسلم (١٣٤ - ٥٩٠).
(٢). صحيح البخاري (٢/ ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>