للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النفي، فتعم كل شيء من كلام الناس، دعاء، أو غيره.

• ويناقش:

الوجه الأول:

قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إنما هو التسبيح، والتكبير، وقراءة القرآن) لا يراد به الحصر، لجواز الاستعاذة بالله من أربع بعد التشهد، وليس ذلك تسبيحًا، ولا تكبيرًا، ولا قراءة قرآن، ومثله التأمين في الصلاة.

الوجه الثاني:

قوله: (لا يصلح فيها شيء من كلام الناس) أي تكليم الناس، فهو اسم مصدر كَلَّمَ لَا تَكَلَّمَ ويدل على ذلك السبب المذكور في الحديث، فلا يمكن فصل الحديث عن سببه، حيث قال معاوية بن الحكم: بينا أنا أصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فالمنهي عنه هو قصد الآدمي بالخطاب فهذا الذي لا يجوز، يدل عليه أن تشميت العاطس هو دعاء له بالرحمة، والدعاء بالرحمة مما ورد في القرآن.

فقوله: (يرحمك الله) اشتملت على مأذون ومحظور، فالمأذون الدعاء، والمحظور قصد المخاطب بالكلام، وهو محرم إجماعًا.

الوجه الثالث:

أن الدعاء في حوائج الدنيا مما ورد في القرآن، فلو سأل الطعام، لوافق قوله تعالى: {فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ} [البقرة: ٦١]، ولو دعا بصلاح زوجه، لوافق قوله تعالى: {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} [الأنبياء: ٩٠]، ولو دعا بالولد لوافق قوله تعالى: {هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} [آل عمران: ٣٨]، ولو دعا بالأموال وبسط الدنيا لوافق قوله تعالى: {وَهَبْ لِي مُلْكًا لَاّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي} [ص: ٣٥]، فكذلك القياس على هذه الأدعية من حوائج الدنيا ينبغي أن يكون جائزًا، غير مبطل للصلاة (١).

• دليل من قال: يجوز الدعاء مطلقًا في الصلاة بكل حاجة مباحة:

الدليل الأول:

مطلق قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِين} [الأعراف: ٥٥].


(١). انظر التعليقة الكبرى للقاضي أبي الطيب الطبري لم يطبع بعد (ص: ٤٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>