وعلى هذا التفصيل بنوا فقه هذه المسألة: فإذا أقيمت الصلاة، فإن خشي أن تفوته الركعة الأولى قطعها من أجل إدراك فضل الجماعة؛ لأنه إن تمادى في النافلة حتى فاتته الركعة الأولى لم يدرك فضل الجماعة؛ لأنه ترك ذلك باختياره وتفريطه، وإن أمكن المصلي إتمام النافلة وإدراك الركعة الأولى فهذا أكمل لتحقيقه المصلحتين: إتمام النافلة وإدراك فضل الجماعة.
• ونوقش هذا:
بأن حديث (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة) عام يشمل من كان يدرك الركعة الأولى ويشمل غيره، والعلماء على وجوب العمل بالعام حتى يرد ما يخصصه، ولم يرد ما يخصص العام.
وحديث إدراك الركعة بإدراك الركوع، لم يذكر في بيان حكم النافلة بعد إقامة الصلاة، بخلاف حديث أبي هريرة:(إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة).
وحديث ابن بحينة (آلصبح أربعًا)؟
وحديث عبد الله بن سرجس (بأي الصلاتين اعتددت؟ أبصلاتك وحدك، أم بصلاتك معنا؟ (١)، وهي أحاديث خاصة سيقت لبيان حكم النافلة بعد إقامة الصلاة، والقواعد الأصولية تقضي بأن الدلالة الصريحة مقدمة على الدلالة غير الصريحة، والمعنى المقصود بالحكم مقدم على معنى غير مقصود بالحكم، والخاص مقدم على العام، وهذا معروف في أصول الفقه.
ولأن الاشتغال بالنافلة بعد إقامة الصلاة يلزم منه ترك القيام في الركعة الأولى مع القدرة عليه، وهو من آكد أركان الصلاة، فإدراك الركعة بإدراك الركوع يكون في حق من لم يتمكن من إدراك القيام، والله أعلم.