فالإسراع الشديد مكروه مطلقًا عند الجمهور، ولو خاف فوات الجمعة والجماعة.
واستثنى المالكية إذا خاف فوات الوقت فإنه يجب، ولا أظن المسألة هذه محل خلاف مع غيرهم.
وقال بعض الحنابلة: لا يكره الإسراع الشديد إذا خاف فوات الجمعة، أو الجماعة.
وأما الإسراع اليسير:
فقيل: يكره مطلقًا، وهو مذهب الحنفية، والشافعية، ورواية عن أحمد.
وقيل: لا يكره مطلقًا، وهو مذهب المالكية.
وقيل: يكره إلا إذا طمع في إدراك التكبيرة الأولى (تكبيرة الإحرام)، وهو مذهب الحنابلة.
وقيل: يكره إلا إذا طمع في إدراك الركعة الأولى، وهو قول إسحاق.
• سبب الخلاف:
الاختلاف في الإسراع اليسير، هل ينافي السكينة والوقار المأمور بهما في الحديث الصحيح:(وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا).
ولأن سبب توجيه النهي كان مرتبطًا بإسراع حدثت معه جلبة دعت النبي صلى الله عليه وسلم ليسأل، ما شأنكم؟ قالوا: استعجلنا إلى الصلاة، فقال: لا تفعلوا ... وذكر الحديث، فمن لم ينظر إلى خصوص السبب، قال العبرة بعموم اللفظ.
ومن يرى أن السبب وصف مؤثر ارتبط بسببه توجيه النهي، فيقيد الحكم بالحال التي توجَّه فيها النهي؛ لأنه المتيقن، وغيره لا يساويه، فلا يلحق به.
كما أن قوله صلى الله عليه وسلم:(فما أدركتم فصلوا ... ) هذا الشرط يبين أن النهي عن الإسراع متوجه لمن يدرك الصلاة، ويخشى أن يفوته بعضها، وأما إذا خاف فوات الصلاة جملة، فهل يشمله النهي؟ فالنهي عن الإسراع مكروه، فهل الحاجة إلى إدراك الصلاة ترفع الكراهة؟ لأن فوات الجمعة أو الجماعة لا يجبر، ولأن فضيلة