للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حسنة، ويمحى عنه بالأخرى سيئة، فإذا سمع أحدكم الإقامة فلا يَسْعَ؛ فإن أعظمكم أجرًا أبعدكم دارًا، قالوا: لم يا أبا هريرة؟ قال: من أجل كثرة الخطا (١).

[صحيح موقوف، ومثله لا يقال بالرأي].

وجه الاستدلال:

أن الحديث نهي عن الإسراع، ثم أكد ذلك ببيان العلة فقال صلى الله عليه وسلم: (فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة)، فأشار بهذا إلى أنه ينبغي أن يتأدب بآداب الصلاة من ترك العجلة، ولزوم الخشوع، وسكون الأعضاء، وهو رد على من قال: إن الإسراع الذي لا ينافي السكينة والوقار لا بأس به.

وفائدة أخرى من التعليل وهو أن المصلي إذا لم يدرك من الصلاة شيئًا فقد حصل له مقصوده؛ لكونه في صلاة منذ عمد إلى الصلاة.

• ونوقش:

بأن حديث أبي هريرة في الصحيحين وفي غيرهما رواه عنه أصحابه دون زيادة (فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة).

وقد انفرد بهذا الحرف مرفوعًا العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة، والعلاء وثقه أحمد، وتجنب البخاري تخريج حديثه في صحيحه، وقال يحيى بن معين: ليس بذاك، لم يزل الناس يتوقون حديثه. وفي التقريب: صدوق ربما وهم.

وخالفه نعيم بن عبد الله المجمر، فرواه عن أبي هريرة موقوفًا (٢)،

فأخشى


(١). الموطأ (١/ ٣٣).
(٢). رواه عن أبي هريرة جماعة منهم:
الأول: سعيد بن المسيب، كما في صحيح البخاري (٦٣٦، ٩٠٨)، وصحيح مسلم (٦٠٢)، وأكتفي بهما.
الثاني: أبو سلمة كما في صحيح البخاري (٦٣٦، ٩٠٨)، وصحيح مسلم (٦٠٢)، وأكتفي بهما.
الثالث: محمد بن سيرين، كما في صحيح مسلم (١٥٤ - ٦٠٢)، وأكتفي بالصحيح.
الرابع: همام بن منبه، كما في صحيح مسلم (١٥٣ - ٦٠٢)، وأكتفي بالصحيح.
الخامس: عطاء بن أبي رباح كما في مصنف عبد الرزاق (٣٢٧٠)، عن ابن جريج، عن عطاء به.

السادس: أبو رافع (نفيع بن رافع الصائغ)، كما في مسند أحمد (٢/ ٤٨٩)، وصحيح ابن خزيمة (١٦٤٦). ...
السابع: أبو صالح السمان، كما في المعجم الأوسط (٩٨٣) من طريق عمرو بن أبي سلمة (الدمشقي) حدثنا زهير بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه به، وزهير بن محمد تُكُلِّمَ في رواية أهل الشام عنه، وهذا منها.
الثامن: الحسن البصري، كما في فوائد تمام (١٠٨٢)، وجزء أبي الطاهر للدارقطني (٩٥)، كلهم رووه عن أبي هريرة، ولم يذكر أحد منهم قوله: (فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة).
وخالفهم العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، فرواه عن أبيه وإسحاق، عن أبي هريرة، بزيادة هذا الحرف. والعلاء لا يمكن الوثوق بما تفرد به مخالفًا لغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>