للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالشيء نهي عن ضده.

الأمر الثاني: الأمر بالسكينة والوقار، والسكينة محلها طمأنينة القلب، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح: ٤].

والوقار: يتعلق بحركة الجوارح، فالرجل الوقور تدل هيئته وحركاته على وقاره، فأراد الله للماشي للصلاة أن يكون مخبره ومنظره متحليًا بالطمأنينة وترك العجلة.

الأمر الثالث: النهي عن الإسراع، بقوله: (ولا تسرعوا) فلم يكتف الشارع بالأمر بالمشي، بل أضاف إلى ذلك التصريح بالنهي عن ضده، وهو الإسراع، وهو مطلق يشمل الإسراع الشديد واليسير، ولا ينتهك النهي لتحصيل المأمور؛ لأن النهي أشد؛ لحديث إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. متفق عليه (١).

وكان كل ذلك عند سماع الإقامة التي هي مظنة فوات التكبيرة الأولى، بل قد تفوته بعض الركعات، فدل الحديث على أنه لا يجوز الإسراع ولو كان يسيرًا، ولو خشي منه فوات الصلاة أو بعضها.

الدليل الثالث:

(ح-١٠٤٧) ما رواه مسلم من طريق العلاء، عن أبيه،

عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إذا ثُوِّب للصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا، فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة (٢).

ورواه مالك في الموطأ، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، وإسحاق بن عبد الله أنهما أخبراه، أنهما سمعا أبا هريرة به (٣).

وروى مالك، عن نعيم بن عبد الله المدني المجمر،

أنه سمع أبا هريرة يقول: من توضأ فأحسن وضوءه، ثم خرج عامدًا إلى الصلاة، فإنه في صلاة مادام يعمد إلى الصلاة. وإنه يكتب له بإحدى خطوتيه


(١). البخاري (٧٢٨٨)، وصحيح مسلم (١٣٠ - ١٣٣٧).
(٢). صحيح مسلم (٦٠٢).
(٣). موطأ مالك (١/ ٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>