للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل الثالث:

النهي عن الإسراع مطلق، والنصوص المطلقة لا يقيدها إلا نص مثلها، أو إجماع.

الدليل الرابع:

قال الحافظ ابن حجر: «عدم الإسراع أيضًا يستلزم كثرة الخطا، وهو معنى مقصود لذاته، وردت فيه أحاديث كحديث جابر عند مسلم، أن بكل خطوة درجة» (١).

• ويناقش:

في قول الحافظ: كثرة الخطا معنى مقصود لذاته فيه نظر، فهل كثرة الخطا مقصودة لذاتها، أم هي وسيلة، ولذلك لا يتقصد المصلي المسجد الأبعد إلا أن يقع اتفاقًا، والله أعلم.

• دليل من قال: يجوز الإسراع بلا هرولة.

الدليل الأول:

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩]، فأمر الله بالسعي إلى الجمعة، ونهى عن السعي إلى الصلاة، فكان السعي الذي أمرنا الله به هو غير السعي الذي نهانا عنه، فيجمع بينهما: أن المنهي عنه، هو السعي الشديد المنافي للوقار والسكينة، والمأمور به هو الإسراع بلا هرولة جمعًا بين الآية والحديث، فكان اسم السعي واقعًا على فعلين: أحدهما مأمور به، والآخر منهي عنه، والله أعلم.

• ونوقش:

بأن السعي يطلق تارة ويراد به الإسراع إلى الشيء كقوله صلى الله عليه وسلم فلا تأتوها وأنتم تسعونَ، وكالسعي بين العلمين إذا طاف بين الصفا والمروة.

وتارة يطلق السعي، ويراد به مطلق العمل سواء، أكان بإسراع أم بغيره فمن ذهب إلى الصلاة فقد سعى إليها.


(١). فتح الباري (٢/ ١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>