للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الطبري إمام المفسرين: والسعي في كلام العرب: العمل، يقال منه: فلان يسعى على أهله: أي يعمل فيما يعود عليهم نفعه (١).

فمعنى {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩]. فامضوا إلى ذكر الله، وحكي عن عمر وابن مسعود أنهما كان يقرآن: فامضوا إلى ذكر الله (٢).

وهو معنى قول علمائنا: السعي إلى الجمعة واجب على كل من تلزمه الجمعة، لا يقصدون منه وجوب الإسراع إليها، وإنما يريدون مطلق الذهاب إليها (٣).

ومنه قوله تعالى: {وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} [الإسراء: ١٩].

وقال سبحانه: {لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسِ* بِمَا تَسْعَى} [طه: ١٥].

وقال تعالى: {لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩].

وقال تعالى: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} ... [الليل: ٤].

وقال تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ} [الصافات: ١٠٢].

فالسعي إلى الجمعة إن كان بلا إسراع فهو المشي إليها، وهو المأمور به، وإن بلغ السعي إلى الصلاة حد الإسراع فهو المنهي عنه.

الدليل الثاني:

(ث-٢٤٩) روى مالك، عن نافع، عن ابن عمر أنه سمع الإقامة، وهو بالبقيع، فأسرع المشي إلى الصلاة (٤).

• وأجيب:

بأن رأي ابن عمر معارض بما روي عن أنس وزيد بن ثابت، وأبي ذر وغيرهم.

(ث-٢٥٠) روى ابن أبي شيبة في المصنف، قال: أخبرنا جعفر بن حيان


(١). تفسير الطبري ط هجر (٣/ ٥٨١).
(٢). تفسير الطبري (٢٢/ ٦٣٨)، تفسير البغوي (٥/ ٨٤)، تفسير الإمام الشافعي (٣/ ١٣٥٨)، معاني القرآن وإعرابه للزجاج (٥/ ١٧١)، تفسير السمعاني (٥/ ٤٣٤)، تفسير القرطبي (١٨/ ١٠٢).
(٣). انظر المسالك في شرح موطأ مالك (٢/ ٤٤٩)، المنتقى شرح الموطأ (١/ ١٩٥)، تفسير القرطبي (١٨/ ١٠٦)، فتح الباري لابن رجب (٨/ ١٥٦).
(٤). الموطأ (١/ ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>