للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجائز خَلَفٌ عن القيام من كل وجه، أما الركوع فله حكم القيام من وجه دون وجه، ولذا لما قرأ فيه لم يجز» (١).

فبين ابن عابدين أن المتطوع إذا صلى جالسًا كان الجلوس بدلًا عن القيام، فكان عليه أن يأتي بتكبيرة الإحرام جالسًا، فإذا أتى بها وهو راكع، لم تنعقد؛ لأن الواجب أن يأتي بتكبيرة الإحرام إما في حال القيام، وهو الأصل، وإما في بدله، وهو الجلوس.

وقال ابن قدامة: «عليه أن يأتي بالتكبير قائمًا، فإن انحنى إلى الركوع بحيث يصير راكعًا قبل إنهاء التكبير، لم تنعقد صلاته، إلا أن تكون نافلةً؛ لسقوط القيام فيها. ويحتمل أن لا تنعقد أيضًا؛ لأن صفة الركوع غير صفة القعود، ولم يَأْتِ التكبير قائمًا ولا قاعدًا، ولو كان ممن تصح صلاته قاعدًا، كان عليه الإتيان بالتكبير قبل وجود الركوع منه» (٢).

وقال محمد بن الحسن: إذا بطلت الفريضة لم تنقلب نفلًا مطلقًا، حتى لو كبر للفريضة قاعدًا، بطلت الفريضة، ولم تنقلب نافلة، وهو قول في مذهب الحنابلة (٣).

• وجه قول محمد بن الحسن:

أن المصلي كبر للتحريمة بنية الفريضة، فإذا بطل الفرض لكونه كبر للتحريمة قاعدًا بطلت الفريضة، ولم تصح نفلًا؛ لأن المنوي هو الفرض، والنفل لم يَنْوِهِ، فإذا لم يحصل المنوي فكونه لا يحصل غير المنوي من باب أولى، وقد قال صلى الله عليه وسلم: وإنما لكل امرئ ما نوى.

ولأن التحريمة انعقدت للفريضة فإذا فسدت لم تَبْقَ تحريمة لفساد ما انعقدت عليه، فبطلت الصلاة ضرورة.

وقال الحنابلة: تنقلب الفريضة نفلًا حكمًا إذا كان في الوقت متسع لها وللفريضة، وهو قول في مذهب الشافعية (٤).


(١). حاشية ابن عابدين (١/ ٤٨١).
(٢). المغني (١/ ٣٣٥).
(٣). الأصل (١/ ١٥٣)، الإنصاف (٢/ ٤٢).
(٤). انظر في مذهب الحنابلة: الإقناع (١/ ١١٣)، الإنصاف (٢/ ٤٢)، الفروع (٢/ ١٦٣)، شرح منتهى الإرادات (١/ ١٨٤)، كشاف القناع (١/ ٣٣٠)، حاشية الخلوتي على منتهى الإرادات (١/ ٢٧٩).
وانظر قول الشافعية في نهاية المطلب (٢/ ١٢٧)، المجموع (٣/ ٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>