للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• وجه انقلاب الصلاة إلى نافلة مطلقًا:

القيام شرط لصحة تكبيرة الإحرام في كل صلاة يكون القيام شرطًا في صحتها، فالقيام ركن في صلاة الفريضة، فيكون شرطًا في صحة تكبيرة الإحرام.

وأما النافلة فالقيام لما لم يكن شرطًا في صحتها، صحت النافلة من القاعد، ولو من غير عذر، ولم يكن القيام شرطًا في تكبيرة الإحرام، فيصح أن يوقع تكبيرة الإحرام وهو جالس، هذا من حيث حكم اشتراط القيام لتكبيرة الإحرام، والفرق بين الفرض والنفل.

فإذا أوقع تكبيرة الإحرام في حال الهوي، ونوى بها الفرض لم تصح الصلاة فرضًا عند الجمهور كما سبق بحثه في المسألة السابقة، ولما كان القيام ليس ركنًا في النافلة انقلبت نفلًا، وإبطال الصلاة فرضًا لا يلزم منه إبطال مطلق الصلاة؛ فتنقلب الصلاة إلى نفل حكمًا، وإن لم يَنْوِ النافلة؛ لأن الصلاة مركبة من شيئين: نية الصلاة، ونية الفرضية، وإبطال الفرض لا يستلزم إبطال نية مطلق الصلاة؛ لأن إبطال الأخص لا يستلزم إبطال الأعم، فكان له أن يتم الصلاة نفلًا إذا كان الوقت يتسع للنافلة والفريضة، فإن ضاق الوقت حتى لا يتسع إلا للفريضة وجب الخروج من النافلة، والشروع في الفريضة.

وقياسًا على الرجل إذا أحرم بالفرض قبل وقته جاهلًا، فالأصح انعقاده نفلًا حكمًا، مع أنه لم يَنْوِ النفل، وهو قول الأئمة الأربعة خلافًا لمحمد بن الحسن، وقد سبق بحث هذه المسألة عند الكلام على مباحث النية (١).

هذا هو توجيه الحكم بصحتها نفلًا عند الحنابلة، وهم يطردون هذا الحكم في كل صلاة لا تصح فرضًا فإنها تنقلب نفلًا حكمًا إذا كان في الوقت سعة.

وقال الشافعية: تنعقد نفلًا إذا لم يكن عالمًا بالتحريم، فإن علم بالتحريم لم تنعقد، وهو الأصح في مذهب الشافعية (٢).


(١). الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: ١٦٤)، مغني المحتاج (١/ ٥٣٠)، نهاية المحتاج (١/ ٤٥٨)، حاشية الجمل (١/ ٣٣٣)، الإقناع (١/ ١٠٧)، شرح منتهى الإرادات (١/ ١٧٧)، كشاف القناع (١/ ٣١٧)، مطالب أولي النهى (١/ ٤٠١)، حاشية الخلوتي (١/ ٢٧٨).
(٢). روضة الطالبين (١/ ٢٢٨)، المجموع (٣/ ٢٨٧، ٢٩٦)، الغرر البهية في شرح البهجة الوردية (١/ ٣٦٧)، فتح العزيز (٣/ ٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>