للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

داخل الصلاة.

قال ابن نجيم: «المراد به القيام في الصلاة بإجماع المفسرين» (١).

وقال السعدي: «إن كان المراد بالقيام هنا الوقوف في صلاة الفرض فهو ركن، وإن أريدَ به القيامُ بأفعال الصلاة عمومًا دل على الأمر بإقامتها كلها، وأن تكون قائمة تامة غير ناقصة» (٢).

ورجح شيخنا ابن عثيمين: «أن المراد بالقيام هنا: المكث على الشيء، والقيام على القدمين» (٣).

يقصد شيخنا أن القيام يشمل القيام على الصلاة بالمواظبة عليها، وكذلك القيام بالوقوف فيها، من الأول قوله تعالى: {إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا}: أي مواظبًا ملازمًا (٤).

(ح-١١٩٢) ومن السنة: ما رواه البخاري من طريق إبراهيم بن طهمان، قال: حدثني الحسين المكتب، عن ابن بريدة،

عن عمران بن حصين رضي الله عنهما، قال: كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، فقال: صَلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى


(١). البحر الرائق (١/ ٣٠٨).
(٢). انظر تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن (ص: ٧٤).
(٣). انظر: تفسير العثيمين (٣/ ١٧٨)، وذكر الطبري في تفسيره ت شاكر (٥/ ٢٣٤)، وفي معنى قانتين ذكر الطبري ثلاثة أقوال: منها: مطيعين، ومنها السكوت عن الكلام، ومنها الخشوع، قال الطبري: «وأولى هذه الأقوال بالصواب في تأويل قوله: {وَقُومُوا لِلّهِ قَانِتِين}، قول من قال: تأويله مطيعين، وذلك أن أصل القنوت، الطاعة، وقد تكون الطاعة لله في الصلاة بالسكوت عما نهى الله عنه من الكلام فيها». اهـ
وقال السعدي: القنوت دوام الطاعة مع الخشوع. قلت: وهذا يستلزم ترك الكلام لمنافاته الخشوع. ويؤيد هذا الترجيح قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ} وقوله سبحانه: {كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ}: أي مطيعون، ومنه قوله تعالى: {وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} وقال تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ} فكان القنوت: عبارة عن دوام الطاعة مع التذلل والخشوع.
وقال ابن كثير: {وَقُومُوا لِلّهِ قَانِتِين} أي: خاشعين ذليلين مستكينين بين يديه، وهذا الأمر مستلزم ترك الكلام في الصلاة؛ لمنافاته إياها.
(٤). تهذيب اللغة (٩/ ٢٦٨)، النهاية في غريب الحديث (٥/ ٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>