للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمنفرد والإمام وغير المسبوق لا يصح منه القيام منحنيًا مطلقًا؛ لأن قراءة الفاتحة واجبة في حقه، فوجب القيام لوجوب القراءة.

وأما المسبوق فقالوا: إذا ابتدأ تكبيرة الإحرام حال قيامه، وأتمها حال الانحطاط، أو بعده بلا فصل كثير (فتأويلان) في الاعتداد بالركعة وعدمه، والصلاة صحيحة، وقال بعضهم: القولان هما في صحة الصلاة وبطلانها (١).

فالذين قالوا: يعتد بالركعة، أو بالصلاة إذا كبر المسبوق منحنيًا: قالوا: إن القيام يجب للفاتحة، والمأموم لا تجب القراءة في حقه، قال ابن بشير: هذا مذهب المدونة (٢).

ولأن الإمام يحمل عن المأموم تكبيرة الافتتاح، على ما روى ابن وهب عن مالك: أن تحريم الإمام يجزئ فيها عن المأموم، والقيام إنما يراد لتكبيرة الافتتاح (٣).

والذين قالوا: لا يعتد بالركعة والصلاة صحيحة، قالوا: لا يكفي أن يبدأ تكبيرة الإحرام حال القيام، بل لابد أن يتمها، وهو قائم، فلما أتمها، وهو مُنْحَنٍ بطلت الركعة، وقامت الركعة الثانية مكان الأولى.


(١). قال الخرشي في شرحه (١/ ٢٦٤): «القيام لتكبيرة الإحرام في الفرض للقادر غير المسبوق، فلا يجزئ إيقاعها جالسًا، أو منحنيًا اتباعًا للعمل». اهـ فأبطل تكبيرة الإحرام منحنيًا للقادر، واستثنى النفل والمسبوق. وانظر: الشرح الصغير (١/ ٣٠٧).
وقال خليل في مختصره (ص: ٣١): «فرائض الصلاة: تكبيرة الإحرام، وقيام لها إلا لمسبوق فتأويلان».
قال الدردير في الشرح الكبير (١/ ٢٣١) شارحًا عبارة خليل: «فلا يجزي إيقاعها -يعني التحريمة- جالسًا أو منحنيًا (إلا لمسبوق) ابتدأها حال قيامه، وأتمها حال الانحطاط، أو بعده بلا فصل كثير (فتأويلان) في الاعتداد بالركعة وعدمه .. ».
قال الدسوقي في حاشيته معلقًا على قوله: (فتأويلان) (١/ ٢٣١): «عج ومن تبعه (يقصد علي الأجهوري- جعلوا ثمرة هذين التأويلين ترجع للاعتداد بالركعة وعدمه مع الجزم بصحة الصلاة، وهو الذي يفهم مما في التوضيح عن ابن المواز ونحوه للمازري عنه.
وأما ح (يقصد: الحطاب) فجعل ثمرة التأويلين ترجع لصحة الصلاة وبطلانها، وهو الذي يتبادر من المؤلف، وكثير من الأئمة كأبي الحسن وغيره، لكن ما ذكره عج أقوى».
(٢). التاج والإكليل (٢/ ٢٠٦).
(٣). انظر: التنبيهات المستنبطة على كتب المدونة والمختلطة (١/ ١٩٦، ١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>