للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما يجوز له أن يفتتحها قاعدًا (١).

قال النووي: «هذا مذهبنا، ومذهب مالك، وأبي حنيفة، وعامة العلماء، وسواء قام ثم قعد، أو قعد ثم قام ... » (٢).

وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن من الحنفية، وأشهب من المالكية: من افتتح النافلة قائمًا فليس له أن يجلس فيها إلا من عذر (٣).

وقيل: إن التزم القيام لم يجلس، وإن نوى الجلوس جلس، ذكره اللخمي (٤).

وقال ابن يونس في الجامع تعليقًا: لا يختلف في هذا قول ابن القاسم وأشهب؛ لأن من نوى شيئًا، ودخل فيه لزمه حكمه، وصار حكمه حكم من نذر شيئًا بلسانه، وإنما اختلفا إذا افتتحها قائمًا من غير نية.

وحكي لنا عن أبي عمران أن ذلك لا يلزمه بالنية، والدخول فيه، بخلاف الاعتكاف وصوم اليوم؛ لأن هذا لا يتجزأ، فيلزمه بالدخول فيه. والقراءة في الصلاة تتجزأ، وله إذا افتتح القراءة في الصلاة مع أم القرآن بسورة طويلة أن لا يتمها، ففارق صوم اليوم والاعتكاف» (٥).

(ح-١٢٠٣) ويشهد لقول أبي عمران، ما رواه البخاري ومسلم من طريق يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد، قال: حدثنا قتادة،

أن أنس بن مالك، حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إني لأدخل في الصلاة، وأنا أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه (٦).


(١). التمهيد (٢٢/ ١٢٢).
(٢). شرح النووي على صحيح مسلم (٦/ ١١).
(٣). بدائع الصنائع (١/ ٢٩٧)، النوادر والزيادات (١/ ٥٢٩)، شرح التلقين (٢/ ٨١٨)، المنتقى للباجي (١/ ٢٣٤).

وقال محمد ميارة المالكي في الدر الثمين والمورد المعين (ص: ٢٤٩): ومن افتتح النافلة قائمًا، ثم شاء الجلوس فقولان لابن القاسم وأشهب، بخلاف العكس فيجوز اتفاقًا.
(٤). الدر الثمين والمورد المعين (ص: ٢٤٩).
(٥). الجامع لمسائل المدونة (٢/ ٥٣٣).
(٦). صحيح البخاري (٧٠٩)، وصحيح مسلم (١٩٢ - ٤٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>