للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلا تفريج ولا ضَمٍّ؛ لأن الأصل فيما لم يرد في صفته نص صحيح أن يكون المصلي على طبيعته؛ ولا ينتقل عنه إلا بتوقيف.

(ث-٢٨٣) وقد ذكر ابن القيم في البدائع، قال: روى حرب، قال: حدثنا أبو حفص، حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن نافع،

عن ابن عمر قال: لا تقارب، ولا تباعد (١).

[صحيح] (٢).

ولو كانت المراوحة هي السنة لنقلت إلينا من فعله صلى الله عليه وسلم، وكان الصحابة حريصين على نقل سنته وما يفعله في الصلاة.

ولذلك نقلت لنا أم قيس بنت محصن؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسنَّ وحملَ اللحمَ، اتخذ عمودًا في مصلاه يعتمد عليه (٣).

فلوكان من سنته الفعلية الاعتماد على إحدى رجليه وإراحة الأخرى لنقل إلينا.

وقوله: (ولو راوح بين قدميه كان أحب إليَّ) هذا موقوف، وهل هو أحب إليه مطلقًا، وهذا يعني أنه أحب إليه حتى من الوقوف الطبيعي بلا تفريج ولا إلصاق أم أحب إليه من إلزاق القدمين بعضهما ببعض؟

هذا محتمل؛ وإن كنت أميل إلى أنه أراد أحب إليَّ من إلزاق القدمين؛ لأنه لا يمكن أن يفضل المراوحة على الوقوف الطبيعي ثم لا تحفظ المراوحة من فعله صلى الله عليه وسلم، فالظاهر أنه أحب إليه من إلزاق القدمين؛ لأن ضم القدمين فيه تكلف، بخلاف


(١). بدائع الفوائد (٣/ ٨٧).
(٢). رجاله ثقات، حرب: هو حرب بن إسماعيل بن خلف الكرماني من أصحاب الإمام أحمد، وهو ثقة، وأبو حفص: هو عمر بن علي الفلاس من شيوخ البخاري، وهو مشهور باسمه أكثر من كنيته، وربما كناه البخاري في التاريخ الكبير، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد.
ورواه عبد الرزاق في المصنف (٣٣٠٠) عن ابن جريج، أخبرني نافع، أن ابن عمر كان لا يفرسخ بينهما، ولا يمس إحداهما الأخرى، قال: بين ذلك. اهـ
جاء في غريب الحديث للقاسم بن سلام (٤/ ١٢٣): قوله: (ما فيها فرسخ) يقول: ليس فيها فرجة، ولا إقلاع. وانظر تهذيب اللغة (٧/ ٢٦٩)، لسان العرب (٣/ ٤٤) ..
(٣). سنن أبي داود (٩٤٨)، وسبق تخريجه، انظر ح (١١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>