المراوحة، ولأن المراوحة ليست مقصودة لذاتها، وإنما هي وسيلة عند الحاجة لمصلحة العبادة، ولطلب راحة المصلي.
الوجه الثاني:
أن القدر المرفوع منه قد اختلف فيه على المنهال بن عمرو:
فرواه الأعمش عنه، موقوفًا.
ورواه ميسرة بن حبيب عن المنهال فذكر بعضه مرفوعًا، وبعضه موقوفًا.
والأعمش مقدم على ميسرة، وقد أوضحت لك ذلك من خلال تخريج الحديث، وإذا اختلف في الرفع والوقف، فالأصل عدم الرفع، مع أن القدر المرفوع هو في إلصاق القدم، وليس في المراوحة.
الدليل الثاني:
أن في المراوحة راحة للمصلي، فإذا ارتاح عاد ذلك بالمصلحة على الصلاة، من خشوع وتدبر، وإطالة للقيام، وهذه المصالح محل رعاية وعناية من الشارع، ولذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرفع المشقة عن المصلي بالإبراد في الصلاة في شدة الحر، وينهى عن الصلاة بحضرة الطعام، ومدافعة الأخبثين.
• وجه من قال: تباح المراوحة:
القيام المطلوب في الصلاة أن يقوم معتمدًا على قدميه غير مستند إلى أمر خارج، فما جاز فيه الاعتماد على كلتا قدميه جاز الاعتماد فيه على إحداهما، فلم يخرج المصلي بالمراوحة عن كونه معتمدًا على قدمه في الصلاة، غاية ما هنالك أنه اتَّكَأَ على إحدى قدميه أكثر من الأخرى، ومثل هذا لا يخرجه عن الإباحة.
• وجه من قال: تستحب مع الحاجة وتكره كثرتها:
أن المراوحة اليسيرة داخلة في الإباحة؛ لأنه ليس من عادة المصلي إذا كان قائمًا في الصلاة ألا يتحرك منه شيء.
وأما كثرة المراوحة، فإن كانت لحاجة لكبرٍ، أو لمرضٍ أو لِضَعْفٍ، أو لطول قيامٍ كما في النافلة فهي مستحبة؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
وما أعان على أمر مشروع فهو مشروع إلا أن ينهى عنه لذاته.