وأما كثرة المراوحة فإنها مكروهة، لأنه لا يحتاج إليها في الفرائض لكون القيام فيها لا إطالة فيه، والإمام مأمور فيها بالتخفيف، وأن يقتدي بأضعف المصلين معه، وأكثر ما يقرأ فيه هو من طوال المفصل، وهذا لا يشق على الشاب الصحيح.
وأما في النفل فإن المصلي مأمور بأن يصلي نشاطه، فكثرة المراوحة مؤشر على إرهاق وتعب لحق المصلي لا يندفع بالمراوحة، فيستحسن أن يجلس أو يستريح.
(ح-١٢١٣) لما رواه مسلم من طريق ابن علية، عن عبد العزيز بن صهيب.
عن أنس، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، وحبل ممدود بين ساريتين، فقال: ما هذا؟ قالوا: لزينب تصلي، فإذا كسلت، أو فترت أمسكت به، فقال: حلوه؛ لِيُصَلِّّّّّّّّّ أحدكم نشاطه، فإذا كسل أو فتر قعد.
وفي رواية له: فليقعد (١).
ولأن كثرة المراوحة تجعل المصلي يكثر من التمايل في صلاته، قال الحنابلة: وفي ذلك تشبه باليهود.
وهذا بعيد؛ لأنه لو كان فيها تشبه باليهود لنهي عنها، ولأن اليهود يكتفون بهز الرأس بلا انقطاع دون الجسد كما يفعل بعض الصوفية وبعض القراء عند قراءة القرآن، فلا شبه بين فعلهم وبين المراوحة المتقطعة.
ولأنها داخلة في حكم الحركة الكثيرة، لا تبطل الصلاة لتفرقها، ولكنها تكره فيها، والله أعلم.
• الراجح:
أن المراوحة اليسيرة مباحة، والكثير منها إن كان لحاجة فهو دائر بين الاستحباب والإباحة، وإن كان لغير حاجة فهو مكروه، والله أعلم.